للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَإِذَا حَلَقَ رُبُعَ رَأْسِهِ أَوْ رُبُعَ لِحْيَتِهِ فَصَاعِدًا فَعَلَيْهِ دَمٌ، فَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ الرُّبُعِ فَعَلَيْهِ صَدَقَةٌ) وَقَالَ مَالِكٌ : لَا يَجِبُ إلَّا بِحَلْقِ الْكُلِّ: وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يَجِبُ بِحَلْقِ الْقَلِيلِ اعْتِبَارًا بِنَبَاتِ الْحَرَمِ. وَلَنَا أَنَّ حَلْقَ بَعْضِ الرَّأْسِ ارْتِفَاقٌ كَامِلٌ؛ لِأَنَّهُ مُعْتَادٌ فَتَتَكَامَلُ بِهِ الْجِنَايَةُ وَتَتَقَاصَرُ فِيمَا دُونَهُ بِخِلَافِ تَطَيُّبِ رُبُعِ الْعُضْوِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَقْصُودٍ، وَكَذَا حَلْقُ بَعْضِ اللِّحْيَةِ مُعْتَادٌ بِالْعِرَاقِ وَأَرْضِ الْعَرَبِ

أَيْ: لِحَقِيقَةِ الْكَثْرَةِ، إذْ حَقِيقَتُهَا إنَّمَا تَثْبُتُ إذَا قَابَلَهَا أَقَلُّ مِنْهَا وَالرُّبْعُ وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ حُكْمًا لَا حَقِيقَةً.

وَقَوْلُهُ: (وَإِذَا حَلَقَ رُبْعَ رَأْسِهِ) ظَاهِرٌ (وَقَالَ مَالِكٌ: لَا يَجِبُ إلَّا بِحَلْقِ الْكُلِّ) عَمَلًا بِظَاهِرِ قَوْله تَعَالَى ﴿وَلا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ﴾ فَإِنَّ الرَّأْسَ اسْمٌ لِلْكُلِّ (وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يَجِبُ بِحَلْقِ الْقَلِيلِ) وَهُوَ ثَلَاثُ شَعَرَاتٍ، وَعَلَّقَ الْحُكْمَ بِاسْمِ الْجِنْسِ، وَالْحُكْمُ الْمُعَلَّقُ بِاسْمِ الْجِنْسِ يَتَأَدَّى بِأَدْنَى مَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ الِاسْمُ كَمَا فِي نَبَاتِ الْحَرَمِ، (وَلَنَا أَنَّ حَلْقَ بَعْضِ الرَّأْسِ ارْتِفَاقٌ كَامِلٌ لِأَنَّهُ مُعْتَادٌ)، فَإِنَّ الْأَتْرَاكَ يَحْلِقُونَ أَوْسَاطَ رُءُوسِهِمْ وَبَعْضُ الْعَلَوِيَّةِ يَحْلِقُونَ نَوَاصِيَهُمْ لِابْتِغَاءِ الرَّاحَةِ وَالزِّينَةِ، وَالِارْتِفَاقُ الْكَامِلُ تَتَكَامَلُ بِهِ الْجِنَايَةُ كَمَا تَقَدَّمَ، (وَتَتَقَاصَرُ فِيمَا دُونَهُ) وَفِي قَوْلِهِ: فَتَتَكَامَلُ بِهِ الْجِنَايَةُ إشَارَةٌ إلَى دَفْعِ قَوْلِ مَالِكٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>