للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنَّمَا لَزِمَهُ بِمَا نَالَ مِنْ الرَّاحَةِ فَصَارَ كَالْمَغْرُورِ فِي حَقِّ الْعُقْرِ، وَكَذَا إذَا كَانَ الْحَالِقُ حَلَالًا لَا يَخْتَلِفُ الْجَوَابُ فِي حَقِّ الْمَحْلُوقِ رَأْسُهُ، وَأَمَّا الْحَالِقُ تَلْزَمُهُ الصَّدَقَةُ فِي مَسْأَلَتِنَا فِي الْوَجْهَيْنِ.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ : لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَعَلَى هَذَا الْخِلَافُ إذَا حَلَقَ الْمُحْرِمُ رَأْسَ حَلَالٍ. لَهُ أَنَّ مَعْنَى الِارْتِفَاقِ لَا يَتَحَقَّقُ بِحَلْقِ شَعْرِ غَيْرِهِ وَهُوَ الْمُوجِبُ. وَلَنَا أَنَّ إزَالَةَ مَا يَنْمُو مِنْ بَدَنِ الْإِنْسَانِ مِنْ مَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ؛ لِاسْتِحْقَاقِهِ الْأَمَانَ بِمَنْزِلَةِ نَبَاتِ الْحَرَمِ فَلَا يَفْتَرِقُ الْحَالُ بَيْنَ شَعْرِهِ وَشَعْرِ غَيْرِهِ إلَّا أَنَّ كَمَالَ الْجِنَايَةِ فِي شَعْرِهِ (فَإِنْ أَخَذَ مِنْ شَارِبِ حَالٍّ أَوْ قَلَّمَ أَظَافِيرَهُ أَطْعَمَ مَا شَاءَ) وَالْوَجْهُ فِيهِ مَا بَيَّنَّا. وَلَا يَعْرَى عَنْ نَوْعِ ارْتِفَاقٍ؛ لَأَنْ يَتَأَذَّى بِتَفَثِ غَيْرِهِ وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ التَّأَذِّي بِتَفَثِ نَفْسِهِ فَيَلْزَمُهُ الطَّعَامُ (وَإِنْ قَصَّ أَظَافِيرَ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ فَعَلَيْهِ دَمٌ)؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْمَحْظُورَاتِ لِمَا فِيهِ مِنْ قَضَاءِ التَّفَثِ وَإِزَالَةِ مَا يَنْمُو مِنْ الْبَدَنِ، فَإِذَا قَلَّمَهَا كُلَّهَا فَهُوَ ارْتِفَاقٌ كَامِلٌ فَيَلْزَمُهُ الدَّمُ، وَلَا يُزَادُ عَلَى دَمٍ إنْ حَصَلَ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ؛ لِأَنَّ الْجِنَايَةَ مِنْ نَوْعٍ

فِي هَذِهِ الْعُهْدَةِ فَكَأَنَّهُ أَخَذَ هَذَا الْقَدْرَ مِنْ مَالِهِ. وَقُلْنَا: (الدَّمُ إنَّمَا لَزِمَهُ بِمَا نَالَ مِنْ الرَّاحَةِ فَصَارَ كَالْمَغْرُورِ) إذَا ضَمِنَ الْعُقْرَ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْغَارِّ؛ لِأَنَّهُ فِي مُقَابَلَةِ مَا اسْتَوْفَاهُ مِنْ مَنَافِعِ الْبُضْعِ. وَقَوْلُهُ: (وَكَذَا إذَا كَانَ الْحَالِقُ حَلَالًا) هُوَ الْوَجْهُ الثَّالِثُ مِنْ الْأَقْسَامِ الْعَقْلِيَّةِ وَلَيْسَ فِيهِ عَلَى الْحَالِقِ شَيْءٌ بِالِاتِّفَاقِ وَفِي الْمَحْلُوقِ الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ.

وَقَوْلُهُ: (فِي مَسْأَلَتِنَا) أَرَادَ بِهِ مَا إذَا كَانَ الْحَالِقُ مُحْرِمًا. وَقَوْلُهُ: (فِي الْوَجْهَيْنِ) أَرَادَ بِهِ مَا بِأَمْرِهِ أَوْ بِغَيْرِ أَمْرِهِ. وَقَوْلُهُ: (فَإِنْ أَخَذَ) يَعْنِي الْمُحْرِمَ (مِنْ شَارِبِ حَلَالٍ أَوْ قَصَّ أَظَافِيرَهُ أَطْعَمَ مَا شَاءَ وَالْوَجْهُ فِيهِ مَا بَيَّنَّا) يَعْنِي قَوْلَهُ: إنَّ إزَالَةَ مَا يَنْمُو مِنْ بَدَنِ الْإِنْسَانِ مِنْ مَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ. وَقَوْلُهُ: (وَلَا يَعْرَى عَنْ نَوْعِ ارْتِفَاقٍ) إشَارَةً إلَى الْجَوَابِ عَمَّا قَالَ الشَّافِعِيُّ حَلَقَ رَأْسَ غَيْرِهِ وَالْأَخْذُ مِنْ شَارِبِهِ بِمَنْزِلَةِ أَنْ يَلْبَسَ غَيْرُهُ مَخِيطًا فِي عَدَمِ ارْتِفَاقِهِ، فَكَمَا لَا يَجِبُ فِي الْإِلْبَاسِ عَلَيْهِ شَيْءٌ فَكَذَلِكَ هَاهُنَا، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ فِي الْحَلْقِ وَأَخْذِ الشَّارِبِ ارْتِفَاقًا لَهُ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ يَتَأَذَّى بِتَفَثِ غَيْرِهِ، وَلَيْسَ فِي إلْبَاسِ الْمَخِيطِ ذَلِكَ لَكِنَّ التَّأَذِّي بِتَفَثِ غَيْرِهِ أَقَلُّ مِنْ التَّأَذِّي بِتَفَثِ نَفْسِهِ (فَيَلْزَمُهُ الطَّعَامُ) وَقَوْلُهُ: (وَإِنْ قَصَّ) أَيْ الْمُحْرِمُ (أَظَافِيرَ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ) ظَاهِرٌ. وَقَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْجِنَايَةَ مِنْ نَوْعٍ وَاحِدٍ) يَعْنِي تَسْمِيَةً وَمَعْنًى، أَمَّا تَسْمِيَةً فَلِأَنَّ الْكُلَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>