وَهَكَذَا نُقِلَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ ﵀: تَجِبُ بَدَنَةٌ اعْتِبَارًا بِمَا لَوْ جَامَعَ بَعْدَ الْوُقُوفِ، وَالْحُجَّةُ عَلَيْهِ إطْلَاقُ مَا رَوَيْنَا، وَلِأَنَّ الْقَضَاءَ لَمَّا وَجَبَ وَلَا يَجِبُ إلَّا لِاسْتِدْرَاكِ الْمَصْلَحَةِ خَفَّ مَعْنَى الْجِنَايَةِ فَيَكْتَفِي بِالشَّاةِ بِخِلَافِ مَا بَعْدَ الْوُقُوفِ؛ لِأَنَّهُ لَا قَضَاءَ. ثُمَّ سَوَّى بَيْنَ السَّبِيلَيْنِ. وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ ﵀ أَنَّ فِي غَيْرِ الْقُبُلِ مِنْهُمَا لَا يُفْسِدُ لِتَقَاصُرِ مَعْنَى الْوَطْءِ فَكَانَ عَنْهُ رِوَايَتَانِ (وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُفَارِقَ امْرَأَتَهُ فِي قَضَاءِ مَا أَفْسَدَاهُ)
نَائِمَةً أَوْ مُكْرَهَةً، (وَهَكَذَا) يَعْنِي مِثْلَ مَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ (نُقِلَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ ﵃.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ ﵀: تَجِبُ بَدَنَةٌ كَمَا لَوْ جَامَعَ بَعْدَ الْوُقُوفِ) وَالْجَامِعُ تَغَلُّظُ الْجِنَايَةِ، (وَالْحُجَّةُ عَلَيْهِ إطْلَاقُ مَا رَوَيْنَا) وَهُوَ قَوْلُهُ: ﵊ " يُرِيقَانِ دَمًا " ذَكَرَهُ مُطْلَقًا، فَيَتَنَاوَلُ الشَّاةَ؛ لِأَنَّهُ مُتَيَقَّنٌ. فَإِنْ قِيلَ: الْمُطْلَقُ يَنْصَرِفُ إلَى الْكَامِلِ وَالْجَزُورُ كَامِلٌ فَيَنْصَرِفُ إلَيْهِ. فَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُطْلَقَ يَنْصَرِفُ إلَى الْكَامِلِ إذَا لَمْ يَكُنْ مَا يَمْنَعُهُ، وَهُوَ هَاهُنَا مَوْجُودٌ؛ لِأَنَّ الْجِمَاعَ قِيلَ: الْوُقُوفُ لَمَّا كَانَ سَبَبًا لِلْقَضَاءِ خَفَّ مَعْنَى الْجِنَايَةِ لِاسْتِدْرَاكِ الْمَصْلَحَةِ الْفَائِتَةِ بِالْقَضَاءِ، فَلَوْ أَوْجَبْنَا الْبَدَنَةَ لَزِمَ إيجَابُ الْجَزَاءِ الْغَلِيظِ فِي مُقَابَلَةِ جِنَايَةٍ خَفِيفَةٍ وَهُوَ خِلَافُ مُقْتَضَى الْحِكْمَةِ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ بَعْدَ الْوُقُوفِ فَإِنَّ الْجِنَايَةَ لَمْ تَخِفَّ لِعَدَمِ وُجُوبِ الْقَضَاءِ، فَإِيجَابُ الْبَدَنَةِ فِي مُقَابَلَتِهَا عَلَى مُقْتَضَى الْحِكْمَةِ، وَإِلَى هَذَا أَشَارَ الْمُصَنِّفُ ﵀ بِقَوْلِهِ: وَلِأَنَّ الْقَضَاءَ لَمَّا وَجَبَ إلَخْ.
(وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ ﵀ أَنَّ الْجِمَاعَ فِي غَيْرِ الْقُبُلِ مِنْهُمَا) أَيْ: مِنْ السَّبِيلَيْنِ، وَقِيلَ مِنْ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ (لَا يُفْسِدُهُ لِتَقَاصُرِ مَعْنَى الْوَطْءِ)، وَلِهَذَا لَمْ يُوجِبْ الْحَدَّ وَلَا يَجِبُ الْمَهْرُ بِالْإِجْمَاعِ. وَفِي رِوَايَةٍ: يُفْسِدُهُ لِأَنَّهُ كَامِلٌ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ ارْتِفَاقٌ. وَعِنْدَهُمَا يُفْسِدُهُ؛ لِأَنَّهُ يُوجِبُ الْحَدَّ. وَقَوْلُهُ: (وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُفَارِقَ امْرَأَتَهُ) الْأَصْلُ فِيهِ أَنَّ الصَّحَابَةَ ﵃ قَالُوا: إذَا رَجَعَا لِلْقَضَاءِ يَفْتَرِقَانِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute