الْمَوَاضِعِ إلَيْهِ مِمَّا يُبَاعُ فِيهِ وَيُشْتَرَى. قَالُوا: وَالْوَاحِدُ يَكْفِي وَالْمُثَنَّى أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ أَحْوَطُ وَأَبْعَدُ عَنْ الْغَلَطِ كَمَا فِي حُقُوقِ الْعِبَادِ. وَقِيلَ يُعْتَبَرُ الْمُثَنَّى هَهُنَا بِالنَّصِّ.
(وَالْهَدْيُ لَا يُذْبَحُ إلَّا بِمَكَّةَ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ﴾ (وَيَجُوزُ الْإِطْعَامُ فِي غَيْرِهَا) خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ ﵀. هُوَ يَعْتَبِرُهُ بِالْهَدْيِ وَالْجَامِعُ التَّوْسِعَةُ عَلَى سُكَّانِ الْحَرَمِ، وَنَحْنُ نَقُولُ: الْهَدْيُ قُرْبَةٌ غَيْرُ مَعْقُولَةٍ فَيَخْتَصُّ بِمَكَانٍ أَوْ زَمَانٍ. أَمَّا الصَّدَقَةُ قُرْبَةٌ مَعْقُولَةٌ فِي كُلِّ زَمَانٍ وَمَكَانٍ (وَالصَّوْمُ يَجُوزُ فِي غَيْرِ مَكَّةَ)؛ لِأَنَّهُ قُرْبَةٌ فِي كُلِّ مَكَان (فَإِنْ ذَبَحَ الْهَدْيَ بِالْكُوفَةِ أَجْزَأَهُ عَنْ الطَّعَامِ) مَعْنَاهُ إذَا تَصَدَّقَ بِاللَّحْمِ وَفِيهِ وَفَاءٌ بِقِيمَةِ الطَّعَامِ؛ لِأَنَّ الْإِرَاقَةَ لَا تَنُوبُ عَنْهُ. وَإِذَا وَقَعَ الِاخْتِيَارُ عَلَى الْهَدْيِ يُهْدِي مَا يُجْزِيهِ فِي الْأُضْحِيَّةِ
وَقَوْلُهُ: (وَقِيلَ يُعْتَبَرُ الْمُثَنَّى هَاهُنَا) فِي جَزَاءِ الصَّيْدِ (بِالنَّصِّ) وَهُوَ قَوْله تَعَالَى ﴿يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ﴾ قَالَ فِي الْكَشَّافِ عَنْ قَبِيصَةَ أَنَّهُ أَصَابَ ظَبْيًا وَهُوَ مُحْرِمٌ، فَسَأَلَ عَنْهُ عُمَرَ فَشَاوَرَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ ثُمَّ أَمَرَهُ بِذَبْحِ شَاةٍ، فَقَالَ قَبِيصَةُ لِصَاحِبِهِ: وَاَللَّهُ مَا عَلِمَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ حَتَّى سَأَلَ غَيْرَهُ، فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ ضَرْبًا وَقَالَ: أَتَغْمِصُ الْفُتْيَا وَتَقْتُلُ الصَّيْدَ وَأَنْتَ مُحْرِمٌ؟ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا﴾ فَأَنَا عُمَرُ وَهَذَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ.
وَقَوْلُهُ: (وَيَجُوزُ الْإِطْعَامُ فِي غَيْرِهَا) يَعْنِي سَوَاءٌ كَانَ طَعَامَ الْإِبَاحَةِ أَوْ التَّمْلِيكِ. وَقَوْلُهُ: (وَالصَّوْمُ يَجُوزُ فِي غَيْرِ مَكَّةَ) يَعْنِي بِالْإِجْمَاعِ. وَقَوْلُهُ: (إذَا تَصَدَّقَ بِاللَّحْمِ وَفِيهِ وَفَاءٌ بِقِيمَةِ الطَّعَامِ) بِأَنْ يُصِيبَ كُلُّ مِسْكِينٍ مِنْ اللَّحْمِ مَا تَبْلُغُ قِيمَتُهُ نِصْفَ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ قِيَاسًا عَلَى كَفَّارَةِ الْيَمِينِ وَكَانَ مِنْ شَرْطِ تَصَدُّقِهِ التَّفْرِيقُ، بِخِلَافِ مَا إذَا ذَبَحَ بِمَكَّةَ فَإِنَّهُ إذَا تَصَدَّقَ بِهِ بَعْدَ الذَّبْحِ عَلَى فَقِيرٍ وَاحِدٍ جَازَ؛ لِأَنَّ جَوَازَهُ مِنْ حَيْثُ الْهَدْيُ لَا مِنْ حَيْثُ الصَّدَقَةُ.
وَقَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْإِرَاقَةَ لَا تَنُوبُ عَنْهُ) أَيْ: لِأَنَّ الْإِرَاقَةَ الْحَاصِلَةَ بِمَكَانٍ غَيْرِ الْحَرَمِ لَا تَنُوبُ عَنْ الْهَدْيِ؛ حَتَّى لَوْ سَرَقَ الْمَذْبُوحُ أَوْ ضَاعَ قَبْلَ التَّصَدُّقِ بِهِ بَقِيَ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ كَمَا كَانَ، بِخِلَافِ الْمَذْبُوحِ بِمَكَّةَ حَيْثُ يَخْرُجُ عَنْ الْعُهْدَةِ وَإِنْ سَرَقَ أَوْ ضَاعَ قَبْلَ التَّصَدُّقِ بِهِ.
قَالَ: (وَإِذَا وَقَعَ الِاخْتِيَارُ عَلَى الْهَدْيِ) إذَا اخْتَارَ الْقَاتِلُ الْهَدْيَ، (يُهْدِي مَا يُجْزِيهِ فِي الْأُضْحِيَّةِ) وَهُوَ الْجَذَعُ الْكَبِيرُ مِنْ الضَّأْنِ أَوْ النِّيءُ مِنْ غَيْرِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute