للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهُوَ الْأَصْلُ لِأَنَّهُ الْتَزَمَ الْقُرْبَةَ بِصِفَةِ الْكَمَالِ فَتَلْزَمُهُ بِتِلْكَ الصِّفَةِ، كَمَا إذَا نَذَرَ بِالصَّوْمِ مُتَتَابِعًا

وَهُوَ الْأَصْلُ) أَيْ الْمُوَافِقُ لِلْقَوَاعِدِ لِأَنَّ مَنْ أَوْجَبَ عَلَى نَفْسِهِ شَيْئًا عَلَى وَجْهِ الْكَمَالِ لَا يَتَأَدَّى نَاقِصًا، وَالْمَشْيُ فِي الْحَجِّ صِفَةُ كَمَالٍ قَالَ «مَنْ حَجَّ مَاشِيًا فَلَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ حَسَنَةٌ مِنْ حَسَنَاتِ الْحَرَمِ، قِيلَ وَمَا حَسَنَاتُ الْحَرَمِ؟ قَالَ: كُلُّ حَسَنَةٍ بِسَبْعِمِائَةٍ» وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ بَعْدَمَا كُفَّ بَصَرُهُ: مَا تَأَسَّفْت عَلَى شَيْءٍ كَتَأَسُّفِي عَلَى أَنِّي لَمْ أَحُجَّ مَاشِيًا، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدَّمَ الْمُشَاةَ فَقَالَ تَعَالَى ﴿يَأْتُوكَ رِجَالا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ﴾ فَصَارَ كَمَا إذَا نَذَرَ بِالصَّوْمِ مُتَتَابِعًا لَا يَتَأَدَّى مُتَفَرِّقًا.

وَاعْتُرِضَ بِوَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنَّ النَّذْرَ لَا يَصِحُّ إلَّا بِمَا لَهُ نَظِيرٌ فِي الْمَشْرُوعَاتِ الْمَفْرُوضَةِ أَوْ الْوَاجِبَةِ، وَلَيْسَ لِلْمَشْيِ نَظِيرٌ. وَالثَّانِي أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ كَرِهَ الْمَشْيَ فِي طَرِيقِ الْحَجِّ، فَمَا وَجْهُ مَا ذَكَرَهُ فِي الْكِتَابِ فَإِنَّهُ يُنَاقِضُ ذَلِكَ؟.

وَأُجِيبَ عَنْ الْأَوَّلِ بِأَنَّ لَهُ أَصْلًا وَهُوَ أَنَّ الْمَكِّيَّ الْفَقِيرَ إذَا لَمْ يَمْلِكْ الزَّادَ وَالرَّاحِلَةَ وَأَمْكَنَهُ الْمَشْيُ إلَى عَرَفَاتٍ وَجَبَ عَلَيْهِ الْحَجُّ مَاشِيًا. وَعَنْ الثَّانِي بِأَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ مَا كَرِهَ الْمَشْيَ مُطْلَقًا وَإِنَّمَا كَرِهَ الْجَمْعَ بَيْنَ

<<  <  ج: ص:  >  >>