(وَلَا يَتَزَوَّجُ الْمَوْلَى أَمَتَهُ وَلَا الْمَرْأَةُ عَبْدَهَا) لِأَنَّ النِّكَاحَ مَا شُرِعَ إلَّا مُثْمِرًا ثَمَرَاتٍ مُشْتَرَكَةً بَيْنَ الْمُتَنَاكِحَيْنِ،
فَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْوَطْءَ فِي الْعِدَّةِ مِنْ طَلَاقٍ ثَلَاثٍ لَا يَكُونُ زِنًا، إذْ لَوْ كَانَ زِنًا لَمَا ثَبَتَ بِهِ النَّسَبُ وَإِنْ ادَّعَى. وَلَئِنْ سَلَّمْنَا ذَلِكَ بِنَاءً عَلَى مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ عِبَارَةُ كِتَابِ الْحُدُودِ وَهِيَ مَا قَالَ: إنَّ مَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا ثُمَّ وَطِئَهَا فِي الْعِدَّةِ يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَدُّ إذَا لَمْ يَدَّعِ الشُّبْهَةَ فَذَاكَ بِاعْتِبَارِ أَنَّ الْمِلْكَ فِي حَقِّ الْحِلِّ قَدْ زَالَ فَيَتَحَقَّقُ الزِّنَا لِوُقُوعِ الْوَطْءِ فِي غَيْرِ الْمِلْكِ، وَلَمْ يَزُلْ فِي حَقِّ مَا ذَكَرْنَا مِنْ النَّفَقَةِ وَالْمَنْعِ وَالْفِرَاشِ لِأَنَّا قَدْ اتَّفَقْنَا عَلَى بَقَاءِ الْمَنْعِ مِنْ الْخُرُوجِ وَالْفِرَاشِ، وَلَمْ يَكُنْ ذَاكَ إلَّا بِاعْتِبَارِ الْحُكْمِ بِقِيَامِ النِّكَاحِ فَقُلْنَا بِقِيَامِهِ فِي حَقِّ التَّزَوُّجِ بِالْأُخْتِ احْتِيَاطًا فِي التَّفَادِي عَنْ الْجَمْعِ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ.
قَالَ (وَلَا يَتَزَوَّجُ الْمَوْلَى أَمَتَهُ وَلَا الْمَرْأَةُ عَبْدَهَا) خِلَافًا لِنُفَاةِ الْقِيَاسِ، اسْتَدَلُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ﴾ وقَوْله تَعَالَى ﴿فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ﴾ (وَلَنَا أَنَّ النِّكَاحَ مَا شُرِعَ إلَّا مُثْمِرًا ثَمَرَاتٍ مُشْتَرَكَةً بَيْنَ الْمُتَنَاكِحَيْنِ) يَعْنِي أَنَّهُ كَمَا يَجِبُ لِلزَّوْجِ عَلَى الزَّوْجَةِ حَقٌّ يَقْتَضِي مَالِكِيَّةَ الزَّوْجِ عَلَيْهَا كَطَلَبِ تَمْكِينِهِ مِنْ وَطْئِهَا وَدَوَاعِيهِ شَرْعًا وَالْمَنْعِ عَنْ الْخُرُوجِ وَالْبُرُوزِ وَالتَّحْصِينِ، فَكَذَلِكَ يَجِبُ لَهَا عَلَيْهِ حَقٌّ يَقْتَضِي مَالِكِيَّتَهَا عَلَيْهِ كَطَلَبِ النَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ جَبْرًا وَالسُّكْنَى وَالْقَسْمِ وَالْمَنْعِ عَنْ الْعَزْلِ وَالْقِيَامِ بِمَصَالِحِهَا الرَّاجِعَةِ إلَى الزَّوْجِيَّةِ، فَكَانَ النِّكَاحُ مَشْرُوعًا لِإِيجَابِ هَذِهِ الثَّمَرَاتِ الْمُشْتَرَكَةِ بَيْنَهُمَا، فَكَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَالِكًا وَمَمْلُوكًا، وَبَيْنَهُمَا مُنَافَاةٌ لِأَنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute