وَالْمَمْلُوكِيَّةُ تُنَافِي الْمَالِكِيَّةَ فَيَمْتَنِعُ وُقُوعُ الثَّمَرَةِ عَلَى الشَّرِكَةِ.
(وَيَجُوزُ تَزْوِيجُ الْكِتَابِيَّاتِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ﴾ أَيْ الْعَفَائِفُ،
الْمَالِكِيَّةَ تَقْتَضِي الْقَاهِرِيَّةَ وَالْمَمْلُوكِيَّة تَقْتَضِي الْمَقْهُورِيَّةَ وَلَا خَفَاءَ فِي التَّنَافِي بَيْنَهُمَا. وَاعْتُرِضَ بِأَنَّهُمَا مِنْ جِهَتَيْنِ مُخْتَلِفَتَيْنِ، وَلَا تَنَافِيَ حِينَئِذٍ.
وَأُجِيبَ بِمَنْعِ اخْتِلَافِ الْجِهَةِ بِأَنَّ كَوْنَ الْمَرْأَةِ مَالِكَةً لِجَمِيعِ أَجْزَائِهَا إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْعَبْدِ، وَكَوْنَهَا مَمْلُوكَةً أَيْضًا إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْعَبْدِ فَلَمْ تَخْتَلِفْ الْجِهَةُ. وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: الْمَرْأَةُ بِجَمِيعِ أَجْزَائِهَا مَالِكَةً لِلْعَبْدِ بِجَمِيعِ أَجْزَائِهِ وَلَيْسَتْ بِمَالِكَةِ لِمَنَافِعِ بُضْعِهِ، فَجَازَ أَنْ يَمْلِكَ الْعَبْدُ بِالنِّكَاحِ عَلَى سَيِّدَتِهِ مَنَافِعَ بُضْعِهَا لِأَنَّ النِّكَاحَ عَقْدٌ عَلَى مِلْكِ مَنَافِعِ الْبُضْعِ وَهُوَ لَمْ يَكُنْ مِنْ حَيْثُ مَنَافِعُ بُضْعِهِ مَمْلُوكًا، وَلَا الْمَوْلَاةُ مِنْ حَيْثُ مَنَافِعُ بُضْعِهَا مَالِكَةٌ بَلْ مِنْ حَيْثُ أَجْزَائِهَا فَاخْتَلَفَتْ الْجِهَةُ وَانْتَفَى التَّنَافِي. وَالْجَوَابُ أَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّهَا لَا تَمْلِكُ مَنَافِعَ بُضْعِهِ فَإِنَّهَا تَقْدِرُ عَلَى إتْلَافِهِ بِالْإِخْصَاءِ وَالْجَبِّ مِنْ غَيْرِ ضَمَانٍ يَلْحَقُهَا، فَكَانَ الْعَبْدُ مَمْلُوكًا مِنْ حَيْثُ فَرَضْته مَالِكًا فَاتَّحَدَتْ الْجِهَةُ وَتَحَقَّقَ التَّنَافِي.
وَأَمَّا الْجَوَابُ عَمَّا اسْتَدَلَّ بِهِ نُفَاةُ الْقِيَاسِ مِنْ الْآيَةِ فَبِأَنَّهَا يُعَارِضُهَا قَوْله تَعَالَى ﴿وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ﴾ خَاطَبَ اللَّهُ تَعَالَى الْمَوَالِيَ بِإِنْكَاحِ الْإِمَاءِ لَا بِنِكَاحِهِنَّ. فَإِنْ قِيلَ: الْآيَةُ سَاكِتَةٌ عَنْ بَيَانِ نِكَاحِهِنَّ وَالسَّاكِتُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ. فَالْجَوَابُ أَنَّ الْمَوْضِعَ مَوْضِعُ بَيَانٍ مَا يَحْتَجْنَ إلَيْهِ مِنْ أَمْرِ النِّكَاحِ، وَالسُّكُوتُ عَنْ الْبَيَانِ فِي مَوْضِعِ الْحَاجَةِ إلَى الْبَيَانِ بَيَانٌ
(وَيَجُوزُ تَزْوِيجُ الْكِتَابِيَّاتِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ﴾ قَالَ الْمُصَنِّفُ (أَيْ الْعَفَائِفُ) فَسَّرَهُ بِذَلِكَ احْتِرَازًا عَنْ قَوْلِ ابْنِ عُمَرَ فَإِنَّهُ فَسَّرَهَا بِالْمُسْلِمَاتِ، وَلَيْسَتْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute