للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَلِلْحُرِّ أَنْ يَتَزَوَّجَ أَرْبَعًا مِنْ الْحَرَائِرِ وَالْإِمَاءِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ﴾ وَالتَّنْصِيصُ عَلَى الْعَدَدِ يَمْنَعُ الزِّيَادَةَ عَلَيْهِ.

فَرْقٌ آخَرُ أَضْعَفُ مِنْ هَذَا فَلَا حَاجَةَ إلَى ذِكْرِهِ.

قَالَ (وَلِلْحُرِّ أَنْ يَتَزَوَّجَ أَرْبَعًا مِنْ الْحَرَائِرِ وَالْإِمَاءِ) أَوْ مِنْهُمَا إذَا قَدَّمَ الْأَمَةَ عَلَى الْحُرَّةِ (وَلَا يَجُوزُ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ﴾ نَصَّ عَلَى الْعَدَدِ (وَالتَّنْصِيصُ عَلَى الْعَدَدِ يَمْنَعُ الزِّيَادَةَ عَلَيْهِ) وَفِيهِ بَحْثٌ لِأَنَّ هَذَا مَعْدُولٌ وَهُوَ وَصْفٌ وَلِهَذَا مُنِعَ عَنْ الصَّرْفِ لِلْعَدْلِ وَالْوَصْفِ فَكَانَ مِنْ بَابِ تَخْصِيصِ الشَّيْءِ بِالذِّكْرِ، وَذَلِكَ لَا يَدُلُّ عَلَى نَفْيِ الْحُكْمِ عَمَّا عَدَاهُ فَتَثْبُتُ الزِّيَادَةُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ﴾ سَلَّمْنَا أَنَّهُ عَدَدٌ وَلَكِنْ لَا نُسَلِّمُ أَنَّ التَّنْصِيصَ عَلَيْهِ يَمْنَعُ الزِّيَادَةَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ قَالَ «إنَّمَا يُغْسَلُ الثَّوْبُ مِنْ خَمْسٍ: مِنْ بَوْلٍ، وَغَائِطٍ، وَقَيْءٍ، وَمَنِيٍّ، وَدَمٍ» وَبِالِاتِّفَاقِ يُغْسَلُ مِنْ الْخَمْرِ أَيْضًا مَعَ أَنَّهُ نَصَّ عَلَى الْعَدَدِ مَعَ كَلِمَةِ الْحَصْرِ.

وَالْجَوَابُ عَنْ الْأَوَّلِ أَنَّهُ بِحَسَبِ الْأَصْلِ مِنْ الْأَعْدَادِ وَإِنْ اُسْتُعْمِلَ وَصْفًا، وَعَنْ الثَّانِي بِأَنَّ مَعْنَاهُ إنَّمَا يُغْسَلُ الثَّوْبُ مِنْ خَمْسٍ مِمَّا يَخْرُجُ مِنْ بَدَنِ الْآدَمِيِّ، لِأَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ خَرَجَ جَوَابًا لِسُؤَالِ مَنْ سَأَلَ عَنْ النَّجَاسَةِ وَهُوَ مُنْحَصِرٌ عَلَى هَذَا الْعَدَدِ. فَإِنْ قِيلَ: سَلَّمْنَاهُ لَكِنْ مُقْتَضَاهُ التِّسْعُ أَوْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ لِمَا أَنَّ الْوَاوَ لِلْجَمْعِ. أُجِيبَ بِأَنَّ هَذَا الْوَهْمَ هُوَ الَّذِي أَوْقَعَ الرَّافِضَةَ لَعَنَهُمْ اللَّهُ فِي التَّسْوِيَةِ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ أَفْضَلِ الْمَوْجُودَاتِ مَعَ اخْتِصَاصِهِ بِذَلِكَ بِفَضِيلَةِ النُّبُوَّةِ أَوْ ازْدِيَادِهِمْ عَلَيْهِ، فَإِنَّ مِنْهُمْ مَنْ ذَهَبَ إلَى جَوَازِ التِّسْعِ، وَعَنْهُمْ مَنْ ذَهَبَ إلَى جَوَازِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ نَظَرًا إلَى مَعْنَى الْعُدُولِ وَحِرَفِ الْجَمْعِ، وَلَكِنْ لَيْسَ الْأَمْرُ عَلَى مَا تَوَهَّمُوا لِأَنَّ الْمُرَادَ بِمِثْلِ هَذَا الْكَلَامِ أَحَدُ هَذِهِ الْأَعْدَادِ. قَالَ الْفَرَّاءُ: لَا وَجْهَ لِحَمْلِ هَذَا عَلَى الْجَمْعِ لِأَنَّ الْعِبَارَةَ عَنْ التِّسْعِ بِهَذَا اللَّفْظِ مِنْ الْعِيِّ فِي الْكَلَامِ وَالْكَلَامُ الْمَجِيدُ مُنَزَّهٌ عَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>