للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَبَنُو بَاهِلَةَ لَيْسُوا بِأَكْفَاءَ لِعَامَّةِ الْعَرَبِ؛ لِأَنَّهُمْ مَعْرُوفُونَ بِالْخَسَاسَةِ.

(وَأَمَّا الْمَوَالِي فَمَنْ كَانَ لَهُ أَبَوَانِ فِي الْإِسْلَامِ فَصَاعِدًا فَهُوَ مِنْ الْأَكْفَاءِ) يَعْنِي لِمَنْ لَهُ آبَاءٌ فِيهِ. وَمَنْ أَسْلَمَ بِنَفْسِهِ أَوْ لَهُ أَبٌ وَاحِدٌ فِي الْإِسْلَامِ لَا يَكُونُ كُفْئًا لِمَنْ لَهُ أَبَوَانِ فِي الْإِسْلَامِ؛ لِأَنَّ تَمَامَ النَّسَبِ بِالْأَبِ وَالْجَدِّ، وَأَبُو يُوسُفَ أَلْحَقَ الْوَاحِدَ بِالْمُثَنَّى كَمَا هُوَ مَذْهَبُهُ فِي التَّعْرِيفِ. وَمَنْ أَسْلَمَ بِنَفْسِهِ لَا يَكُونُ كُفْئًا لِمَنْ لَهُ أَبٌ وَاحِدٌ فِي الْإِسْلَامِ؛ لِأَنَّ التَّفَاخُرَ فِيمَا بَيْنَ الْمَوَالِي بِالْإِسْلَامِ.

وَالْكَفَاءَةُ فِي الْحُرِّيَّةِ نَظِيرُهَا فِي الْإِسْلَامِ فِي جَمِيعِ مَا ذَكَرْنَا؛ لِأَنَّ الرِّقَّ أَثَرُ الْكُفْرِ وَفِيهِ مَعْنَى الذُّلِّ فَيُعْتَبَرُ فِي حُكْمِ الْكَفَاءَةِ

وَقَوْلُهُ (وَبَنُو بَاهِلَةَ) بَنُو بَاهِلَةَ قَبِيلَةٌ مِنْ قَيْسِ عَيْلَانَ وَهِيَ فِي الْأَصْلِ اسْمُ امْرَأَةٍ مِنْ هَمْدَانَ كَانَتْ تَحْتَ مَعْنِ بْنِ أَعْصَرَ بْنِ سَعْدِ بْنِ قَيْسِ عَيْلَانَ فَنُسِبَ وَلَدُهَا إلَيْهَا، وَالْعَرَبُ هُمْ الَّذِينَ اسْتَوْطَنُوا الْمُدُنَ وَالْقُرَى، وَالْوَاحِدُ عَرَبِيٌّ، وَالْأَعْرَابِيُّ وَاحِدُ الْأَعْرَابِ وَهُمْ أَهْلُ الْبَدْوِ (وَبَنُو بَاهِلَةَ لَيْسُوا بِأَكْفَاءٍ لِعَامَّةِ الْعَرَبِ لِأَنَّهُمْ مَعْرُوفُونَ بِالْخَسَاسَةِ) لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَأْكُلُونَ بَقِيَّةَ الطَّعَامِ مَرَّةً ثَانِيَةً، وَلِأَنَّهُمْ كَانُوا يَطْبُخُونَ عِظَامَ الْمَيْتَةِ وَيَأْخُذُونَ الدُّسُومَاتِ مِنْهَا. قَالَ قَائِلُهُمْ:

وَلَا يَنْفَعُ الْأَصْلَ مِنْ هَاشِمٍ … إذَا كَانَتْ النَّفْسُ مِنْ بَاهِلَهْ

وَقَوْلُهُ (وَأَمَّا الْمَوَالِي) ظَاهِرٌ. وَقَوْلُهُ (كَمَا هُوَ مَذْهَبُهُ فِي التَّعْرِيفِ) أَيْ فِي تَعْرِيفِ الشَّخْصِ فِي الشَّهَادَةِ، فَإِنَّ الشُّهُودَ إذَا ذَكَرُوا اسْمَ الْغَائِبِ وَاسْمَ أَبِيهِ يَحْصُلُ بِهِ التَّعْرِيفُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ. وَلَا حَاجَةَ إلَى ذِكْرِ الْجَدِّ، وَعِنْدَهُمَا لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ الْجَدِّ.

وَقَوْلُهُ وَمَنْ أَسْلَمَ بِنَفْسِهِ لَا يَكُونُ كُفْئًا لِمَنْ لَهُ أَبٌ وَاحِدٌ فِي الْإِسْلَامِ) نُقِلَ فِي النِّهَايَةِ عَنْ الْإِمَامِ الْمَحْبُوبِيِّ أَنَّ هَذَا فِي الْمَوَالِي، وَأَمَّا فِي الْعَرَبِ فَمَنْ لَا أَبَ لَهُ فِي الْإِسْلَامِ مِنْ الْعَرَبِ وَهُوَ مُسْلِمٌ فَهُوَ كُفْءٌ لِمَنْ لَهُ آبَاءٌ فِي الْإِسْلَامِ لِأَنَّ الْعَرَبَ يَتَفَاخَرُونَ بِالنَّسَبِ فَيَعُدُّونَ النَّسَبَ كُفْئًا لِنَسَبِ آخَرَ إذَا كَانَا مُسْلِمَيْنِ، وَأَمَّا الْعَجَمُ فَقَدْ ضَيَّعُوا أَنْسَابَهُمْ، وَمُفَاخَرَتَهُمْ بِالْإِسْلَامِ، فَمَنْ كَانَ لَهُ أَبٌ فِي الْإِسْلَامِ يَفْتَخِرُ عَلَى مَنْ لَا أَبَ لَهُ فِيهِ وَلَا يَعُدُّهُ كُفْئًا لَهُ

(وَالْكَفَاءَةُ فِي الْحُرِّيَّةِ نَظِيرُهَا) أَيْ نَظِيرُ الْكَفَاءَةِ (فِي الْإِسْلَامِ فِي جَمِيعِ مَا ذَكَرْنَا) مِنْ الْوِفَاقِ وَالْخِلَافِ فَإِنَّ الْعَبْدَ لَا يَكُونُ كُفْئًا لِمَنْ هِيَ حُرَّةُ الْأَصْلِ، وَكَذَلِكَ الْمُعْتَقُ لَا يَكُونُ كُفْئًا لَهَا وَالْمُعْتَقُ أَبُوهُ لَا يَكُونُ كُفْئًا لِمَنْ لَهَا أَبَوَانِ فِي الْحُرِّيَّةِ (لِأَنَّ الرِّقَّ أَثَرُ الْكُفْرِ وَفِيهِ مَعْنَى الذُّلِّ فَيُعْتَبَرُ فِي حُكْمِ الْكَفَاءَةِ) بِسَبَبِهِ وَرُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ الَّذِي أَسْلَمَ بِنَفْسِهِ أَوْ أُعْتِقَ إذَا أَحْرَزَ مِنْ الْفَضَائِلِ مَا يُقَابِلُ نَسَبَ الْآخَرِ كَانَ كُفْئًا لَهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>