للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ (وَتُعْتَبَرُ أَيْضًا فِي الدِّينِ) أَيْ الدِّيَانَةِ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ هُوَ الصَّحِيحُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَعْلَى الْمَفَاخِرِ، وَالْمَرْأَةُ تُعَيَّرُ بِفِسْقِ الزَّوْجِ فَوْقَ مَا تُعَيَّرُ بِضَعَةِ نَسَبِهِ.

قَالَ (وَتُعْتَبَرُ أَيْضًا فِي الدِّينِ) أَيْ وَتُعْتَبَرُ أَيْضًا الْكَفَاءَةُ فِي الدِّينِ (أَيْ فِي الدِّيَانَةِ) وَهِيَ التَّقْوَى وَالصَّلَاحُ وَالْحَسَبُ وَهُوَ مَكَارِمُ الْأَخْلَاقِ، وَإِنَّمَا فُسِّرَ الدِّينُ بِالدِّيَانَةِ لِأَنَّ مُطْلَقَ الدِّينِ هُوَ الْإِسْلَامُ، وَلَا كَلَامَ فِيهِ لِأَنَّ إسْلَامَ الزَّوْجِ شَرْطُ جَوَازِ نِكَاحِ الْمُسْلِمَةِ، وَإِنَّمَا الْكَلَامُ فِي حَقِّ الِاعْتِرَاضِ لِلْأَوْلِيَاءِ بَعْدَ انْعِقَادِ الْعَقْدِ وَذَلِكَ لَا يَكُونُ إلَّا فِي الدِّينِ بِمَعْنَى الدِّيَانَةِ (وَهَذَا) أَيْ اعْتِبَارُ الْكَفَاءَةِ فِي الدِّيَانَةِ (قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ لِأَنَّهُ) أَيْ الدِّينَ بِمَعْنَى الدِّيَانَةِ (مِنْ أَعْلَى الْمَفَاخِرِ وَالْمَرْأَةُ تُعَيَّرُ بِفِسْقِ الزَّوْجِ فَوْقَ مَا تُعَيَّرُ بِضِعَةِ النَّسَبِ) فَلَمَّا كَانَ النَّسَبُ مُعْتَبَرًا فِيهَا كَانَتْ الدِّيَانَةُ أَوْلَى بِالِاعْتِبَارِ. وَقَوْلُهُ (وَأَبُو يُوسُفَ مَعَهُ هُوَ الصَّحِيحُ) أَيْ قِرَانُ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ مَعَ أَبِي حَنِيفَةَ حَتَّى تَكُونُ الْكَفَاءَةُ فِي الدِّينِ قَوْلُهُمَا جَمِيعًا هُوَ الصَّحِيحُ، وَاحْتُرِزَ بِذَلِكَ عَنْ رِوَايَةٍ أُخْرَى عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ لَمْ يَعْتَبِرْ الْكَفَاءَةَ فِي الدِّينِ حَيْثُ قَالَ إذَا كَانَ الْفَاسِقُ ذَا مُرُوءَةٍ يَكُونُ كُفْئًا، وَقَالَ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ أَرَادَ بِهِ أَعْوَانَ السُّلْطَانِ إذَا كَانُوا بِحَيْثُ يَكُونُ لَهُمْ مَهَابَةٌ عِنْدَ النَّاسِ

<<  <  ج: ص:  >  >>