للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَعَهُ بَيْتًا فَلَهَا النَّفَقَةُ وَالسُّكْنَى وَإِلَّا فَلَا) لِأَنَّ النَّفَقَةَ تُقَابِلُ الِاحْتِبَاسَ، وَلَوْ بَوَّأَهَا بَيْتًا ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ يَسْتَخْدِمَهَا لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّ الْحَقَّ بَاقٍ لِبَقَاءِ الْمِلْكِ فَلَا يَسْقُطُ بِالتَّبْوِئَةِ كَمَا لَا يَسْقُطُ بِالنِّكَاحِ.

قَالَ (ذَكَرَ تَزْوِيجَ الْمَوْلَى عَبْدَهُ وَأَمَتَهُ وَلَمْ يَذْكُرْ رِضَاهُمَا) وَهَذَا يَرْجِعُ إلَى مَذْهَبِنَا أَنَّ لِلْمَوْلَى إجْبَارَهُمَا عَلَى النِّكَاحِ. وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ لَا إجْبَارَ فِي الْعَبْدِ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ لِأَنَّ النِّكَاحَ مِنْ خَصَائِصِ الْآدَمِيَّةِ وَالْعَبْدُ دَاخِلٌ تَحْتَ مِلْكِ الْمَوْلَى مِنْ حَيْثُ إنَّهُ مَالٌ فَلَا يَمْلِكُ

غَيْرِ إبْطَالِ الْكَثِيرِ فَلَهُ أَنْ يُبَوِّئَهَا وَأَنْ لَا يُبَوِّئَهَا وَأَنْ يَسْتَخْدِمَهَا بَعْدَ التَّبْوِئَةِ، لَكِنَّهُ يُسْقِطُ نَفَقَتَهَا لِمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (لِأَنَّ النَّفَقَةَ تُقَابِلُ الِاحْتِبَاسَ). فَإِنْ قِيلَ: انْتِفَاءُ الِاحْتِبَاسِ إنَّمَا هُوَ لِبَقَاءِ حَقِّ الْمَوْلَى فِي الِاسْتِخْدَامِ وَمِثْلُ ذَلِكَ لَا يُسْقِطُ النَّفَقَةَ كَالْحُرَّةِ إذَا حَبَسَتْ نَفْسَهَا عَنْهُ لِاسْتِيفَاءِ الصَّدَاقِ. أُجِيبَ بِأَنَّ الْحُرَّةَ إذَا حَبَسَتْ نَفْسَهَا لِذَلِكَ فَالتَّفْوِيتُ مِنْ قِبَلِ الزَّوْجِ بِامْتِنَاعِ إيفَاءِ مَا الْتَزَمَهُ، وَهَاهُنَا لَيْسَ مِنْ جِهَةِ الزَّوْجِ بَلْ مِنْ جِهَةِ مَنْ لَهُ الْحَقُّ وَهُوَ الْمَوْلَى، فَكَانَتْ كَالْمَحْبُوسَةِ بِالدَّيْنِ لَا نَفَقَةَ لَهَا، فَإِنْ بَوَّأَهَا مَعَهُ بَيْتًا فَوَلَدَتْ مِنْ الزَّوْجِ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ نَفَقَةُ الْوَلَدِ لِأَنَّهُ مَمْلُوكٌ لِمَوْلَاهَا وَنَفَقَةُ الْمَمْلُوكِ عَلَى الْمَالِكِ.

قَوْلُهُ (ذَكَرَ تَزْوِيجَ الْمَوْلَى) يَعْنِي ذَكَرَ مُحَمَّدٌ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ تَزْوِيجَ الْمَوْلَى (عَبْدَهُ وَأَمَتَهُ وَلَمْ يَذْكُرْ رِضَاهُمَا وَهَذَا رَاجِعٌ إلَى مَذْهَبِنَا أَنَّ لِلْمَوْلَى إجْبَارَهُمَا عَلَى النِّكَاحِ) وَمَعْنَى الْإِجْبَارِ أَنَّ الْمَوْلَى لَوْ بَاشَرَ النِّكَاحَ بِدُونِ

<<  <  ج: ص:  >  >>