للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنْكَاحَهُ، بِخِلَافِ الْأَمَةِ لِأَنَّهُ مَالِكٌ مَنَافِعَ بُضْعِهَا فَيَمْلِكُ تَمْلِيكَهَا. وَلَنَا لِأَنَّ الْإِنْكَاحَ إصْلَاحُ مِلْكِهِ لِأَنَّ فِيهِ تَحْصِينَهُ عَنْ الزِّنَا الَّذِي هُوَ سَبَبُ الْهَلَاكِ أَوْ النُّقْصَانِ فَيَمْلِكُهُ اعْتِبَارًا بِالْأَمَةِ، بِخِلَافِ الْمُكَاتَبِ وَالْمُكَاتَبَةِ لِأَنَّهُمَا الْتَحَقَا بِالْأَحْرَارِ تَصَرُّفًا فَيُشْتَرَطُ رِضَاهُمَا.

قَالَ (وَمَنْ زَوَّجَ أَمَتَهُ ثُمَّ قَتَلَهَا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا زَوْجُهَا فَلَا مَهْرَ لَهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَالَا:

رِضَاهُمَا نَفَذَ. وَقَوْلُهُ (لِأَنَّ فِيهِ تَحْصِينَهُ عَنْ الزِّنَا الَّذِي هُوَ سَبَبُ الْهَلَاكِ أَوْ النُّقْصَانِ) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا حُدَّ رُبَّمَا يَقَعُ الْحَدُّ مُهْلِكًا أَوْ جَارِحًا؛ فَفِي الْأَوَّلِ هَلَاكُ مَالِهِ، وَفِي الثَّانِي نُقْصَانُهُ، فَإِنَّهُ إذَا اشْتَرَى عَبْدًا قَدْ حُدَّ فِي الزِّنَا فَلَهُ أَنْ يَرُدَّهُ فَيَمْلِكَ الْإِنْكَاحَ جَبْرًا اعْتِبَارًا بِالْأَمَةِ، وَالْجَامِعُ قِيَامُ سَبَبِ الْوِلَايَةِ وَهُوَ مِلْكُ الرَّقَبَةِ وَتَحْصِينُ مِلْكِهِ عَنْ الزِّنَا الْمُوجِبِ لِلْهَلَاكِ أَوْ النُّقْصَانِ، وَلَيْسَ الْمَنَاطُ فِي جَوَازِ إنْكَاحِ الْأَمَةِ جَبْرًا تَمَلُّكَ مَنَافِعِ بُضْعِهَا لِأَنَّهُ لَا يَطَّرِدُ مَعَ الْإِجْبَارِ وَلَا يَنْعَكِسُ، فَإِنَّ الزَّوْجَ يَمْلِكُ مَنَافِعَ بُضْعِ الْمَرْأَةِ وَلَا يَقْدِرُ عَلَى تَزْوِيجِهَا، وَالْوَلِيُّ يَمْلِكُ تَزْوِيجَ الصَّغِيرَةِ وَلَا يَمْلِكُ مَنَافِعَ بُضْعِهَا فَكَانَ التَّعْلِيلُ بِهِ فَاسِدًا. فَإِنْ قِيلَ: لَوْ كَانَ الْإِجْبَارُ بِاعْتِبَارِ تَحْسِينِ الْمِلْكِ لَجَازَ فِي الْمُكَاتَبِ وَالْمُكَاتَبَةِ وَلَمْ يَجُزْ، أَجَابَ بِقَوْلِهِ (بِخِلَافِ الْمُكَاتَبِ وَالْمُكَاتَبَةِ) فَإِنَّ الْمِلْكَ لَمَّا كَانَ فِيهِمَا نَاقِصًا بِوَاسِطَةِ تَمْلِيكِهِمَا الْيَدَ (الْتَحَقَا بِالْأَحْرَارِ تَصَرُّفًا فَيُشْتَرَطُ رِضَاهُمَا) وَهَاهُنَا فَرْعٌ لَطِيفٌ. وَهُوَ أَنَّ الْمَوْلَى إذَا زَوَّجَ مُكَاتَبَتَهُ الصَّغِيرَةَ تَوَقَّفَ النِّكَاحُ عَلَى إجَازَتِهَا لِأَنَّهَا مُلْحَقَةٌ بِالْبَالِغَةِ فِيمَا يَنْبَنِي عَلَى الْكِتَابَةِ ثُمَّ إنَّهَا لَوْ لَمْ تَرُدَّ حَتَّى أَدَّتْ بَدَلَ الْكِتَابَةِ فَعَتَقَتْ بَقِيَ النِّكَاحُ مَوْقُوفًا عَلَى إجَازَةِ الْمَوْلَى لَا عَلَى إجَازَتِهَا لِأَنَّهَا بَعْدَ الْعِتْقِ لَمْ تَبْقَ مُكَاتَبَةً وَهِيَ صَغِيرَةٌ وَالصَّغِيرَةُ لَيْسَتْ مِنْ أَهْلِ الْإِجَازَةِ، قَالَ فِي النِّهَايَةِ: وَهَذِهِ مِنْ أَلْطَفِ الْمَسَائِلِ وَأَعْجَبِهَا، حَيْثُ اعْتَبَرَ إجَازَةَ الْمُكَاتَبَةِ فِي حَالِ رِقِّهَا، وَلَمْ يَعْتَبِرْ فِي حَالَةِ الْعِتْقِ لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ الْفَرْقِ

(وَمَنْ زَوَّجَ أَمَتَهُ) فَمَاتَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا، فَإِنْ مَاتَتْ حَتْفَ أَنْفِهَا فَعَلَى الزَّوْجِ الْمَهْرُ بِالِاتِّفَاقِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>