للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمِلْكِ، كَمَا إذَا زَوَّجَتْ نَفْسَهَا بَعْدَ الْعِتْقِ.

(فَإِنْ كَانَتْ تَزَوَّجَتْ بِغَيْرِ إذْنِهِ عَلَى أَلْفٍ وَمَهْرُ مِثْلِهَا مِائَةٌ فَدَخَلَ بِهَا زَوْجُهَا ثُمَّ أَعْتَقَهَا مَوْلَاهَا فَالْمَهْرُ لِلْمَوْلَى) لِأَنَّهُ اسْتَوْفَى مَنَافِعَ مَمْلُوكَةً لِلْمَوْلَى (وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا حَتَّى أَعْتَقَهَا فَالْمَهْرُ لَهَا) لِأَنَّهُ اسْتَوْفَى مَنَافِعَ مَمْلُوكَةً لَهَا. وَالْمُرَادُ بِالْمَهْرِ الْأَلْفُ الْمُسَمَّى لِأَنَّ نَفَاذَ الْعَقْدِ بِالْعِتْقِ اسْتَنَدَ إلَى وَقْتِ وُجُودِ الْعَقْدِ فَصَحَّتْ التَّسْمِيَةُ وَوَجَبَ الْمُسَمَّى،

الرُّكْنِ الَّذِي هُوَ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ مِنْ أَهْلِهِ لِكَوْنِهَا مِنْ أَهْلِ الْعِبَارَةِ وَانْتِفَاءِ الْمَانِعِ؛ لِأَنَّ امْتِنَاعَ النُّفُوذِ كَانَ لِحَقِّ الْمَوْلَى وَقَدْ زَالَ. وَأَمَّا عَدَمُ الْخِيَارِ فَلِأَنَّ النُّفُوذَ بَعْدَ الْعِتْقِ فَلَا تَتَحَقَّقُ زِيَادَةُ الْمِلْكِ، كَمَا لَوْ زَوَّجَتْ نَفْسَهَا بَعْدَ الْعِتْقِ، وَالْحُكْمُ فِي الْعَبْدِ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا خَصَّصَ الْأَمَةَ بِالذِّكْرِ لِيَبْنِيَ الْمَسْأَلَةَ الْمُتَعَلِّقَةَ بِالْمَهْرِ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهَا لَا تَتَأَتَّى فِي حَقِّ الْعَبْدِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ تَخْصِيصُهُ بِالْأَمَةِ لِتَفْرِيعِ مَسْأَلَةِ الْخِيَارِ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهَا تَخْتَصُّ بِالْإِمَاءِ دُونَ الْعَبِيدِ.

وَقَوْلُهُ: (فَإِنْ كَانَتْ تَزَوَّجَتْ بِغَيْرِ إذْنِهِ) ظَاهِرٌ، وَإِنَّمَا قَالَ فِي صُورَةِ الْمَسْأَلَةِ بِأَنَّ الْمُسَمَّى أَلْفٌ وَمَهْرَ الْمِثْلِ مِائَةٌ لِيُعْلَمَ أَنَّ الْمُسَمَّى وَإِنْ زَادَ عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ فَهُوَ لِلْمَوْلَى إذَا كَانَ الدُّخُولُ قَبْلَ الْعِتْقِ، وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَا يُوَازِي مَهْرَ الْمِثْلِ لِلْمَوْلَى وَمَا زَادَ لِلْمَرْأَةِ،؛ لِأَنَّ مَهْرَ الْمِثْلِ قِيمَةُ الْبُضْعِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ دُونَ الزَّائِدِ عَلَيْهِ، وَالْبُضْعُ مِلْكُ الْمَوْلَى فَكَانَ قِيمَتُهُ لَهُ لَا الزَّائِدُ عَلَى قِيمَةِ مِلْكِهِ، وَجَوَابُهُ مَا ذَكَرَهُ فِي الْكِتَابِ بِقَوْلِهِ: (وَالْمُرَادُ بِالْمَهْرِ الْأَلْفُ الْمُسَمَّى؛ لِأَنَّ نَفَاذَ الْعَقْدِ بِالْعِتْقِ اسْتَنَدَ إلَى وَقْتِ وُجُودِ الْعَقْدِ فَصَحَّتْ التَّسْمِيَةُ وَوَجَبَ الْمُسَمَّى) لِلْمَوْلَى إنْ أَعْتَقَهَا بَعْدَ الدُّخُولِ وَالْأَمَةِ إنْ أَعْتَقَهَا قَبْلَهُ. فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ يَسْتَنِدُ الْجَوَازُ إلَى وَقْتِ الْعَقْدِ وَالْمَانِعُ عَنْ الِاسْتِنَادِ قَائِمٌ؛ لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ الْجَوَازِ هُوَ الْمِلْكُ وَالْمِلْكُ قَدْ زَالَ بِالْعِتْقِ مُقْتَصِرًا؛ أَلَا تَرَى أَنَّ الْأَمَةَ إذَا حَرُمَتْ حُرْمَةً غَلِيظَةً عَلَى زَوْجٍ كَانَ لَهَا قَبْلَ ذَلِكَ وَتَزَوَّجَتْ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَوْلَى فَدَخَلَ بِهَا فَأَعْتَقَهَا الْمَوْلَى لَا تَحِلُّ عَلَى زَوْجِهَا الْأَوَّلِ بِاعْتِبَارِ أَنَّ الْعَقْدَ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ فِي حَقِّ هَذَا الدُّخُولِ الَّذِي كَانَ قَبْلَ

<<  <  ج: ص:  >  >>