للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكُلُّ ذَلِكَ غَيْرُ ثَابِتٍ لِلْأَبِ فِيهَا حَتَّى يَجُوزَ لَهُ التَّزَوُّجُ بِهَا فَلَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيمِهِ فَتَبَيَّنَ أَنَّ الْوَطْءَ يُلَاقِي مِلْكَهُ فَلَا يَلْزَمُهُ الْعُقْرُ. وَقَالَ زُفَرُ وَالشَّافِعِيُّ: يَجِبُ الْمَهْرُ لِأَنَّهُمَا يُثْبِتَانِ الْمِلْكَ حُكْمًا لِلِاسْتِيلَادِ كَمَا فِي الْجَارِيَةِ الْمُشْتَرَكَةِ وَحُكْمُ الشَّيْءِ يَعْقُبُهُ وَالْمَسْأَلَةُ مَعْرُوفَةٌ. .

قَالَ (وَلَوْ كَانَ الِابْنُ زَوَّجَهَا إيَّاهُ فَوَلَدَتْ مِنْهُ لَمْ تَصِرْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ وَلَا قِيمَةَ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ الْمَهْرُ وَوَلَدُهَا حُرٌّ) لِأَنَّهُ صَحَّ التَّزَوُّجُ عِنْدَنَا خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ لِخُلُوِّهَا عَنْ مِلْكِ الْأَبِ، أَلَا يَرَى أَنَّ الِابْنَ مَلَكَهَا مِنْ

عَلَى مَا ذَكَرْنَا (وَكُلُّ ذَلِكَ غَيْرُ ثَابِتٍ لِلْأَبِ فِيهَا حَتَّى يَجُوزَ لَهُ التَّزَوُّجُ بِهَا فَلَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيمِهِ)؛ لِأَنَّهُ بَعْدَمَا عَلَّقَ الْوَلَدَ احْتَاجَ الْأَبُ إلَى صِيَانَتِهِ عَنْ الضَّيَاعِ وَذَلِكَ بِثُبُوتِ النَّسَبِ، وَلَا ثُبُوتَ لَهُ بِدُونِ ذَلِكَ فَقَدَّمَ اقْتِضَاءَ تَقْدِيمِ الشَّرْطِ عَلَى الْمَشْرُوطِ، وَإِذَا قُدِّمَ كَانَ الْوَطْءُ وَاقِعًا فِي مِلْكِهِ (فَلَا يَلْزَمُهُ الْعُقْرُ. وَقَالَ زُفَرُ وَالشَّافِعِيُّ: يَجِبُ الْمَهْرُ؛ لِأَنَّهُمَا يُثْبِتَانِ الْمِلْكَ حُكْمًا لِلِاسْتِيلَادِ) فَإِنَّهُ يَسْقُطُ الْإِحْصَانُ بِهَذَا الْوَطْءِ، وَلَوْ كَانَ فِي الْمِلْكِ لَمَا سَقَطَ وَحُدَّ قَاذِفُهُ، وَقَاسَاهُ بِالْجَارِيَةِ الْمُشْتَرَكَةِ فَإِنَّهُ إذَا اسْتَوْلَدَهَا وَجَبَ عَلَيْهِ الْعُقْرُ، (وَالْمَسْأَلَةُ مَعْرُوفَةٌ) يَعْنِي فِي شُرُوحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَغَيْرِهَا: أَنَّ الْمِلْكَ عِنْدَنَا يَثْبُتُ قَبْلَ الِاسْتِيلَادِ شَرْطًا لَهُ، وَعِنْدَهُ بَعْدَهُ حُكْمًا لَهُ. وَاَلَّذِي ذَهَبْنَا إلَيْهِ هُوَ الصَّوَابُ لِأَنَّا قَدْ اتَّفَقْنَا عَلَى أَنَّ اسْتِيلَادَ الْأَبِ جَارِيَةَ وَلَدِهِ صَحِيحٌ، وَمِنْ شَرْطِ صِحَّتِهِ وُقُوعُ الْوَطْءِ فِي الْمِلْكِ، حَتَّى لَوْ خَلَا عَنْهُ أَصْلًا لَمْ يَصِحَّ كَمَا فِي جَارِيَةِ الْأَجْنَبِيِّ فَلَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيمِهِ صِيَانَةً لِفِعْلِهِ عَنْ الْحُرْمَةِ وَصِيَانَةً لِلْوَلَدِ عَنْ الرِّقِّ. وَعُورِضَ بِأَنَّ الْجَارِيَةَ الْمُشْتَرَكَةَ بَيْنَ الْأَبِ وَالِابْنِ إذَا وَلَدَتْ فَادِّعَاءُ الْأَبِ يُثْبِتُ النَّسَبَ، وَيَجِبُ الْعُقْرُ مَعَ قِيَامِ نَوْعِ مِلْكٍ، وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمِلْكَ لَمْ يَثْبُتْ سَابِقًا عَلَى الْوَطْءِ، وَبِأَنَّهُ إذَا وَطِئَهَا غَيْرُ مُعَلَّقٍ وَجَبَ الْعُقْرُ، وَلَوْ ثَبَتَ الْمِلْكُ قَبْلَهُ لَمَا وَجَبَ، وَبِأَنَّهُ إذَا قَذَفَهُ إنْسَانٌ لَا يُحَدُّ، وَلَوْ ثَبَتَ الْمِلْكُ قَبْلَهُ لَحُدَّ.

وَأُجِيبَ عَنْ الْأُولَى بِأَنَّا نُقَدِّمُ الْمِلْكَ احْتِرَازًا عَنْ وُقُوعِ الِاسْتِيلَادِ فِي غَيْرِ الْمِلْكِ حُكْمًا، وَفِي تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ نَوْعٌ مِنْ الْمِلْكِ الْقَائِمِ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى تَقْدِيمِهِ. وَعَنْ الثَّانِيَةِ بِأَنَّ إثْبَاتَ الْمِلْكِ بِصِفَةِ التَّقَدُّمِ كَانَ لِصِيَانَةِ فِعْلِهِ عَنْ الْحُرْمَةِ وَصِيَانَةِ الْوَلَدِ عَنْ الرِّقِّ، وَهَذَا الْمَجْمُوعُ لَيْسَ بِمَوْجُودٍ هُنَا. وَعَنْ الثَّالِثَةِ بِأَنَّ تَقَدُّمَ الْمِلْكِ اجْتِهَادِيٌّ فَكَانَ فِيهِ شُبْهَةٌ يَنْدَرِئُ بِهَا الْحَدُّ

(وَلَوْ كَانَ الْوَلَدُ زَوَّجَ جَارِيَتَهُ إيَّاهُ) أَيْ أَبَاهُ (فَوَلَدَتْ لَمْ تَصِرْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ وَلَا قِيمَةَ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ الْمَهْرُ وَوَلَدُهُ حُرٌّ؛ لِأَنَّهُ صَحَّ التَّزْوِيجُ عِنْدَنَا)، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا يَصِحُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>