كُلِّ وَجْهٍ فَمِنْ الْمُحَالِ أَنْ يَمْلِكَهَا الْأَبُ مِنْ وَجْهٍ، وَكَذَا يَمْلِكُ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ مَا لَا يَبْقَى مَعَهُ مِلْكُ الْأَبِ لَوْ كَانَ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى انْتِفَاءِ مِلْكِهِ إلَّا أَنَّهُ يَسْقُطُ الْحَدُّ لِلشُّبْهَةِ، فَإِذَا جَازَ النِّكَاحُ صَارَ مَاؤُهُ مَصُونًا بِهِ فَلَمْ يَثْبُتْ مِلْكُ الْيَمِينِ فَلَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ،
لِأَنَّ لِلْأَبِ حَقَّ الْمِلْكِ فِي مَالِ وَلَدِهِ، حَتَّى لَوْ وَطِئَ جَارِيَتَهُ عَالِمًا بِحُرْمَتِهَا عَلَيْهِ لَمْ يَلْزَمْهُ الْحَدُّ، وَكُلُّ مَنْ لَهُ حَقُّ الْمِلْكِ فِي جَارِيَةٍ لَا يَجُوزُ تَزَوُّجُهُ إيَّاهَا كَالْمَوْلَى إذَا تَزَوَّجَ أَمَةً مِنْ كَسْبِ مُكَاتَبِهِ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْمِلْكِ فِي مَالِ وَلَدِهِ أَظْهَرُ، أَلَا يَرَى أَنَّ اسْتِيلَادَهُ جَارِيَةَ الِابْنِ صَحِيحٌ، وَاسْتِيلَادَ الْمَوْلَى أَمَةَ مُكَاتَبِهِ غَيْرُ صَحِيحٍ. وَلَنَا أَنَّ أَمَةَ الِابْنِ خَالِيَةٌ عَنْ مِلْكِ الْأَبِ؛ لِأَنَّ الِابْنَ مَلَكَهَا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ بِدَلَالَةِ حِلِّ الْوَطْءِ وَنَفَاذِ الْعِتْقِ وَصِحَّةِ الْبَيْعِ وَالرَّهْنِ وَالْهِبَةِ (فَمِنْ الْمُحَالِ أَنْ يَمْلِكَهَا الْأَبُ بِوَجْهٍ) مِنْ الْوُجُوهِ، وَإِلَّا لَمَا كَانَ الِابْنُ مَلَكَهَا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَذَلِكَ خَلَفٌ بَاطِلٌ، (وَكَذَا يَمْلِكُ) الِابْنُ (مِنْ التَّصَرُّفَاتِ مَا لَا يَبْقَى مَعَهُ مِلْكُ الْأَبِ لَوْ كَانَ فَدَلَّ انْتِفَاءُ مِلْكِهِ) وَقَوْلُهُ: (إلَّا أَنَّهُ يَسْقُطُ الْحَدُّ لِلشُّبْهَةِ) جَوَابٌ عَنْ قَوْلِ الْخَصْمِ لَوْ وَطِئَ جَارِيَتَهُ عَالِمًا بِحُرْمَتِهَا عَلَيْهِ لَمْ يُحَدَّ وَلَمْ يَذْكُرْهُ فِي الْكِتَابِ، وَإِذَا كَانَتْ خَالِيَةً عَنْ مِلْكِهِ صَحَّ النِّكَاحُ، وَإِذَا صَحَّ النِّكَاحُ صَارَ مَاؤُهُ مَصُونًا بِهِ (فَلَمْ يَثْبُتْ مِلْكُ الْيَمِينِ) لِعَدَمِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ، (فَلَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ) وَقَالَ زُفَرُ: تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ اسْتَوْلَدَهَا بِفُجُورٍ صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ، فَإِذَا اسْتَوْلَدَهَا بِالنِّكَاحِ أَوْ شُبْهَةِ نِكَاحٍ أَوْلَى أَنْ تَصِيرَ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ. وَلَنَا مَا ذَكَرْنَا أَنَّ مَاءَهُ صَارَ مَصُونًا بِالنِّكَاحِ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى مِلْكِ الْيَمِينِ؛ لِأَنَّ إتْيَانَهُ لَمْ يَكُنْ إلَّا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute