للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُحَمَّدٌ: إنْ كَانَتْ الرِّدَّةُ مِنْ الزَّوْجِ فَهِيَ فُرْقَةٌ بِطَلَاقٍ، هُوَ يَعْتَبِرُهُ بِالْإِبَاءِ وَالْجَامِعُ مَا بَيَّنَّاهُ، وَأَبُو يُوسُفَ مَرَّ عَلَى مَا أَصَّلْنَا لَهُ فِي الْإِبَاءِ، وَأَبُو حَنِيفَةَ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا. وَوَجْهُ الْفَرْقِ أَنَّ الرِّدَّةَ مُنَافِيَةٌ لِلنِّكَاحِ لِكَوْنِهَا مُنَافِيَةً لِلْعِصْمَةِ وَالطَّلَاقُ رَافِعٌ فَتَعَذَّرَ أَنْ تُجْعَلَ طَلَاقًا، بِخِلَافِ الْإِبَاءِ؛ لِأَنَّهُ يَفُوتُ الْإِمْسَاكُ بِالْمَعْرُوفِ فَيَجِبُ التَّسْرِيحُ بِالْإِحْسَانِ عَلَى مَا مَرَّ،

وَقَالَ مُحَمَّدٌ: إنْ كَانَتْ الرِّدَّةُ مِنْ الزَّوْجِ فَهِيَ فُرْقَةٌ بِطَلَاقٍ) وَإِنْ كَانَتْ مِنْ الْمَرْأَةِ فَهِيَ بِغَيْرِ طَلَاقٍ (هُوَ يَعْتَبِرُهَا بِالْإِبَاءِ وَالْجَامِعُ مَا بَيَّنَّاهُ) يَعْنِي قَوْلَهُ: امْتَنَعَ عَنْ الْإِمْسَاكِ بِالْمَعْرُوفِ (وَأَبُو يُوسُفَ مَرَّ عَلَى مَا أَصَّلْنَا لَهُ فِي الْإِبَاءِ) وَهُوَ أَنَّ الْفُرْقَةَ بِسَبَبٍ يَشْتَرِكُ فِيهِ الزَّوْجَانِ وَالطَّلَاقُ مِمَّا يَخْتَصُّ بِالزَّوْجِ، (وَأَبُو حَنِيفَةَ فَرَّقَ) بَيْنَ الْإِبَاءِ وَالِارْتِدَادِ فَجَعَلَ الْفُرْقَةَ بِإِبَاءِ الزَّوْجِ طَلَاقًا دُونَ الرِّدَّةِ، (وَوَجْهُ الْفَرْقِ أَنَّ الرِّدَّةَ مُنَافِيَةٌ لِلنِّكَاحِ لِكَوْنِهَا مُنَافِيَةً لِلْعِصْمَةِ)؛ لِأَنَّهَا تُبِيحُ النَّفْسَ وَالْمَالَ وَتُبْطِلُ الْمِلْكَ وَالنِّكَاحَ (وَالطَّلَاقُ) لَيْسَ بِمُنَافٍ لِلنِّكَاحِ؛ لِأَنَّهُ (رَافِعٌ) لَهُ بَعْدَ تَحَقُّقِهِ مُسَبَّبًا عَنْهُ، وَالْمُسَبَّبُ عَنْ الشَّيْءِ الرَّافِعِ لَهُ لَا يُنَافِيهِ فَلَا تَكُونُ الرِّدَّةُ طَلَاقًا (بِخِلَافِ الْإِبَاءِ؛ لِأَنَّهُ يَفُوتُ الْإِمْسَاكُ بِالْمَعْرُوفِ) وَلَيْسَ بِمُنَافٍ لِلنِّكَاحِ (فَيَجِبُ التَّسْرِيحُ بِالْإِحْسَانِ عَلَى مَا مَرَّ) وَاعْتُرِضَ بِوَجْهَيْنِ: أَحَدِهِمَا أَنَّ الرِّدَّةَ لَا تُنَافِي مِلْكَ الْعَيْنِ بَلْ يَصِيرُ مَوْقُوفًا فَمَا بَالُ مِلْكِ النِّكَاحِ لَا يَكُونُ كَذَلِكَ. وَالثَّانِي أَنَّ الرِّدَّةَ لَوْ كَانَتْ مُنَافِيَةً لَمَا وَقَعَ طَلَاقُ الْمُرْتَدِّ عَلَى امْرَأَتِهِ بَعْدَ الرِّدَّةِ كَمَا فِي الْمَحْرَمِيَّةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>