للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلِهَذَا تَتَوَقَّفُ الْفُرْقَةُ بِالْإِبَاءِ عَلَى الْقَضَاءِ وَلَا تَتَوَقَّفُ بِالرِّدَّةِ (ثُمَّ إنْ كَانَ الزَّوْجُ هُوَ الْمُرْتَدُّ فَلَهَا كُلُّ الْمَهْرِ إنْ دَخَلَ بِهَا وَنِصْفُ الْمَهْرِ إنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا، وَإِنْ كَانَتْ هِيَ الْمُرْتَدَّةُ فَلَهَا كُلُّ الْمَهْرِ إنْ دَخَلَ بِهَا، وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا فَلَا مَهْرَ لَهَا وَلَا نَفَقَةَ)؛ لِأَنَّ الْفُرْقَةَ مِنْ قِبَلِهَا. .

قَالَ (وَإِذَا ارْتَدَّا مَعًا ثُمَّ أَسْلَمَا مَعًا فَهُمَا عَلَى نِكَاحِهِمَا) اسْتِحْسَانًا. وَقَالَ زُفَرٌ: يَبْطُلُ؛ لِأَنَّ رِدَّةَ أَحَدِهِمَا مُنَافِيَةٌ، وَفِي رِدَّتِهِمَا رِدَّةُ أَحَدِهِمَا.

لَكِنَّهُ يَقَعُ بِالِاتِّفَاقِ.

وَالْجَوَابُ عَنْ الْأَوَّلِ أَنَّ مَا يَرْجِعُ إلَى الْمَحَلِّ فَالِابْتِدَاءُ وَالْبَقَاءُ فِيهِ سَوَاءٌ، وَالرِّدَّةُ تُنَافِي النِّكَاحَ ابْتِدَاءً فَكَذَا بَقَاءً، وَتَوَقَّفَ تَحْصِيلُ مِلْكِ الْعَيْنِ بِالشِّرَاءِ ابْتِدَاءً فَكَذَا بَقَاءً. وَعَنْ الثَّانِي أَنَّ وُقُوعَ الطَّلَاقِ تَابِعٌ لِإِمْكَانِ ظُهُورِ أَثَرِهِ، وَحَيْثُ كَانَتْ الْمَحَلِّيَّةُ مُتَصَوَّرَةَ الْعَوْدِ بِالتَّوْبَةِ أَمْكَنَ ظُهُورُ أَثَرِهِ وَكَانَ مُعْتَبَرًا، بِخِلَافِ الْمَحْرَمِيَّةِ فَإِنَّ الْمَحَلِّيَّةَ غَيْرُ مُتَصَوَّرَةٍ أَبَدًا فَلَا يُمْكِنُ ظُهُورُ أَثَرِهِ. وَعَنْ هَذَا قَالُوا: إذَا ارْتَدَّ الرَّجُلُ وَلَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ لَمْ يَقَعْ عَلَى الْمَرْأَةِ طَلَاقٌ؛ لِأَنَّ تَبَايُنَ الدَّارَيْنِ مُنَافٍ لِلنِّكَاحِ فَكَانَ مُنَافِيًا لِلطَّلَاقِ الَّذِي هُوَ مِنْ أَحْكَامِ النِّكَاحِ، فَإِنْ عَادَ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ وَقَعَ عَلَيْهَا الطَّلَاقُ؛ لِأَنَّ الْمُنَافِيَ وَهُوَ تَبَايُنُ الدَّارَيْنِ قَدْ ارْتَفَعَ، وَمَحَلِّيَّةُ الطَّلَاقِ بِالْعِدَّةِ وَهِيَ قَائِمَةٌ فَيَقَعُ. وَإِذَا ارْتَدَّتْ الْمَرْأَةُ وَلَحِقَتْ بِدَارِ الْحَرْبِ لَمْ يَقَعْ طَلَاقُ الزَّوْجِ عَلَيْهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّ الْعِدَّةَ قَدْ سَقَطَتْ عَنْهَا عِنْدَهُ لِفَوَاتِ الْمَحَلِّيَّةِ،؛ لِأَنَّ مَنْ كَانَ فِي دَارِ الْحَرْبِ فَهُوَ كَالْمَيِّتِ فِي حَقِّنَا، وَبَقَاءُ الشَّيْءِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ مُسْتَحِيلٌ وَالْعِدَّةُ مَتَى سَقَطَتْ لَا تَعُودُ إلَّا بِعَوْدِ سَبَبِهَا، بِخِلَافِ الْفَصْلِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الْعِدَّةَ هُنَاكَ بَاقِيَةٌ بِبَقَاءِ مَحَلِّهَا؛ لِأَنَّهَا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ، إلَّا أَنَّ تَبَايُنَ الدَّارَيْنِ كَانَ مَانِعًا مِنْ وُقُوعِ الطَّلَاقِ، فَإِذَا ارْتَفَعَ الْمَانِعُ وَالْعِدَّةُ بَاقِيَةٌ وَقَعَ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: يَقَعُ الطَّلَاقُ؛ لِأَنَّ الْعِدَّةَ بَاقِيَةٌ عِنْدَهُ. وَقَوْلُهُ: (وَلِهَذَا تَتَوَقَّفُ الْفُرْقَةُ) تَوْضِيحٌ لِكَوْنِ الرِّدَّةِ مُنَافِيَةً لِلطَّلَاقِ دُونَ الْإِبَاءِ. وَقَوْلُهُ: (ثُمَّ إنْ كَانَ الزَّوْجُ) ظَاهِرٌ. وَقَوْلُهُ: (وَلَا نَفَقَةَ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ: وَإِنْ كَانَتْ هِيَ الْمُرْتَدَّةَ فَلَهَا كُلُّ مَهْرِهَا إنْ دَخَلَ بِهَا لَا إلَى مَا يَلِيهِ؛ لِأَنَّ الْمُسْلِمَةَ إذَا كَانَتْ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا وَوَقَعَتْ الْفُرْقَةُ لَا تَجِبُ النَّفَقَةُ عَلَى زَوْجِهَا فَحِينَئِذٍ لَا يَرْتَابُ أَحَدٌ فِي عَدَمِ وُجُوبِ النَّفَقَةِ فِي الْمُرْتَدَّةِ إذَا كَانَتْ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا. وَقَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْفُرْقَةَ مِنْ قَبْلِهَا) يَعْنِي فَكَانَتْ كَالنَّاشِزَةِ وَلَا نَفَقَةَ لَهَا.

وَقَوْلُهُ: (وَإِنْ ارْتَدَّا مَعًا) وَاضِحٌ. وَوَجْهُهُ مَا رُوِيَ أَنَّ بَنِي حَنِيفَةَ وَهْم حَيٌّ مِنْ الْعَرَبِ ارْتَدُّوا بِمَنْعِ الزَّكَاةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>