للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَا وَلَدُ وَلَدِهَا)؛ لِأَنَّهُ وَلَدُ أَخِيهَا. .

(وَلَا يَتَزَوَّجُ الصَّبِيُّ الْمُرْضَعُ أُخْتَ زَوْجِ الْمُرْضَعَةِ؛ لِأَنَّهَا عَمَّتُهُ مِنْ الرَّضَاعَةِ وَإِذَا اخْتَلَطَ اللَّبَنُ بِالْمَاءِ وَاللَّبَنُ هُوَ الْغَالِبُ تَعَلَّقَ بِهِ التَّحْرِيمُ) وَإِنْ غَلَبَ الْمَاءُ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ التَّحْرِيمُ، خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ هُوَ يَقُولُ: إنَّهُ مَوْجُودٌ فِيهِ حَقِيقَةً، وَنَحْنُ نَقُولُ

الْفَاعِلِيَّةِ وَنَصَبَ أَحَدًا عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ مِنْ وُلْدِ الَّتِي عَلَى طَرِيقِ الْإِضَافَةِ وَهَذَا هُوَ الْأَصْلُ مِنْ النُّسَخِ، وَفِي نُسْخَةٍ أُخْرَى: وَلَا يَتَزَوَّجُ الْمُرْضِعَةَ أَحَدٌ مِنْ وُلْدِ الَّتِي أَرْضَعَتْ بِعَكْسِ الْأُولَى فِي الْفَاعِلِيَّةِ وَالْمَفْعُولِيَّةِ، وَهَذَا أَيْضًا صَحِيحٌ وَكَانَ كِلَاهُمَا بِخَطِّ شَيْخِي، وَنُسْخَتَانِ أُخْرَيَانِ لَيْسَتَا بِصَحِيحَتَيْنِ وَهُمَا بَعْدَ صِيغَةِ اسْمِ الْفَاعِلِ فِي الْمُرْضِعَةِ كَوْنُهَا فَاعِلَةً أَوْ مَفْعُولَةً عَلَى مَا ذَكَرْنَا، وَلَكِنْ هَذَا التَّقْدِيرَ لَا بُدَّ وَأَنْ يَكُونَ مِنْ الْوَلَدِ الَّذِي أَرْضَعَتْهُ مُعَرَّفًا بِاللَّامِ، وَكَلَامُهُ ظَاهِرٌ.

وَقَوْلُهُ: (وَإِذَا اخْتَلَطَ اللَّبَنُ بِالْمَاءِ وَاللَّبَنُ هُوَ الْغَالِبُ) فَسَّرَ مُحَمَّدٌ الْغَلَبَةَ قَالَ: إنْ لَمْ يُغَيِّرْ الدَّوَاءُ اللَّبَنَ تَثْبُتُ الْحُرْمَةُ وَإِنْ غَيَّرَ لَا تَثْبُتُ.

وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: إنْ غَيَّرَ طَعْمَ اللَّبَنِ وَلَوْنَهُ لَا يَكُونُ رَضَاعًا، وَإِنْ غَيَّرَ أَحَدَهُمَا يَكُونُ رَضَاعًا. وَقَوْلُهُ: (خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ) فَإِنَّ عِنْدَهُ إذَا اخْتَلَطَ مِقْدَارُ مَا يَحْصُلُ بِهِ خَمْسُ رَضَعَاتٍ مِنْ اللَّبَنِ فِي جُبِّ الْمَاءِ فَشَرِبَهُ الصَّبِيُّ تَثْبُتُ بِهِ الْحُرْمَةُ، هُوَ يَقُولُ: إنَّهُ مَوْجُودٌ حَقِيقَةً فَيَكُونُ مُعْتَبَرًا،؛ لِأَنَّ الْمَحْسُوسَ لَا يُنْكَرُ. وَنَحْنُ نَقُولُ: مَغْلُوبٌ، وَالْمَغْلُوبُ فِي مُقَابَلَةِ الْغَالِبِ غَيْرُ مَوْجُودٍ حُكْمًا كَمَا فِي الْيَمِينِ. حَلَفَ لَا يَشْرَبُ لَبَنًا فَشَرِبَ لَبَنًا مَخْلُوطًا بِالْمَاءِ، وَالْمَاءُ غَالِبٌ عَلَى اللَّبَنِ لَا يَحْنَثُ.

فَإِنْ قِيلَ: فَعَلَى هَذَا إنْ اُعْتُبِرَتْ جِهَةُ الْحُكْمِ لَمْ يَثْبُتْ بِهِ حُرْمَةُ الرَّضَاعِ وَإِنْ اُعْتُبِرَتْ جِهَةُ الْحَقِيقَةِ تَثْبُتُ؛ لِأَنَّ اللَّبَنَ مَوْجُودٌ حَقِيقَةً، وَإِنْ قِيلَ: فَعِنْدَ التَّعَارُضِ تُرَجَّحُ الْحُرْمَةُ احْتِيَاطًا. أُجِيبَ بِأَنَّ التَّعَارُضَ لَمْ يَثْبُتْ؛ لِأَنَّ التَّعَارُضَ عِبَارَةٌ عَنْ تَقَابُلِ الْحُجَّتَيْنِ عَلَى السَّوَاءِ، وَهَاهُنَا لَمْ تَثْبُتْ الْمُسَاوَاةُ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ لِلْغَالِبِ فَضْلًا ذَاتِيًّا، وَلِلْمَغْلُوبِ فَضْلًا حَالِيًّا وَهُوَ جِهَةُ الْحُرْمَةِ، وَكَانَ التَّرْجِيحُ لِمَعْنًى رَاجِعٍ إلَى الذَّاتِ لَا لِمَعْنًى رَاجِعٍ إلَى الْحَالِ، وَهَذَا كَمَا يُرَى مُتَنَاقِضٌ؛ لِأَنَّهُ نَفَى التَّعَارُضَ وَأَثْبَتَ التَّرْجِيحَ لِلْفَضْلِ الذَّاتِيِّ، وَلَا تَرْجِيحَ إلَّا بَعْدَ التَّعَارُضِ.

وَالصَّوَابُ أَنْ يُقَالَ: لَا تَعَارُضَ؛ لِأَنَّ الْحَقِيقَةَ لَا تُعَارِضُ الْحُكْمَ؛ لِأَنَّ الْحُرْمَةَ بِالرَّضَاعِ أَمْرٌ حُكْمِيٌّ، فَمَا لَمْ يَكُنْ فِي الْحُكْمِ مَوْجُودًا لَا مَدْخَلَ لَهُ فِيهِ. سَلَّمْنَاهُ وَلَكِنْ تَعَارَضَ ضَرْبًا تَرْجِيحُ أَحَدِهِمَا رَاجِعٌ إلَى الذَّاتِ وَالْآخَرُ إلَى الْحَالِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>