يَلِي الْحَيْضَةَ الْأُولَى. قَالَ أَبُو الْحَسَنِ الْكَرْخِيُّ (مَا ذَكَرَهُ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَمَا ذَكَرَ فِي الْأَصْلِ قَوْلُهُمَا) وَوَجْهُ الْمَذْكُورِ فِي الْأَصْلِ أَنَّ السُّنَّةَ أَنْ يَفْصِلَ بَيْنَ كُلِّ طَلَاقَيْنِ بِحَيْضَةٍ وَالْفَاصِلُ هَاهُنَا بَعْضُ الْحَيْضَةِ فَتَكْمُلُ بِالثَّانِيَةِ وَلَا تَتَجَزَّأُ فَتَتَكَامَلُ. وَجْهُ الْقَوْلِ الْآخَرِ أَنَّ أَثَرَ الطَّلَاقِ قَدْ انْعَدَمَ بِالْمُرَاجَعَةِ فَصَارَ كَأَنَّهُ لَمْ يُطَلِّقْهَا فِي الْحَيْضِ فَيُسَنُّ تَطْلِيقُهَا فِي الطُّهْرِ الَّذِي يَلِيهِ.
يَلِي الْحَيْضَةَ) وَوَفَّقَ الْكَرْخِيُّ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ فَقَالَ: مَا ذَكَرَهُ الطَّحَاوِيُّ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَمَا ذَكَرَهُ فِي الْأَصْلِ قَوْلُهُمَا وَالْمُصَنِّفُ ذَكَرَ وَجْهَ كُلٍّ مِنْهُمَا وَلَمْ يَرْجِعْ إلَى الْحَدِيثِ الْمَرْوِيِّ فِي الْبَابِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْ الرِّوَايَتَيْنِ مَرْوِيَّةٌ فِي الْحَدِيثِ.
رَوَى الْبُخَارِيُّ مُسْنَدًا إلَى نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ لِعُمَرَ: مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا ثُمَّ لِيُمْسِكَهَا حَتَّى تَطْهُرَ ثُمَّ تَحِيضَ ثُمَّ تَطْهُرَ، ثُمَّ إنْ شَاءَ أَمْسَكَ بَعْدُ، وَإِنْ شَاءَ طَلَّقَ قَبْلَ أَنْ يَمَسَّ»، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى رِوَايَةِ الْأَصْلِ. وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ فِي جَامِعِهِ مُسْنِدًا إلَى سَالِمٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّهُ ﵊ قَالَ لِعُمَرَ: مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا ثُمَّ لِيُطَلِّقْهَا إذَا طَهُرَتْ» وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى رِوَايَةِ الطَّحَاوِيِّ، وَإِذَا تَعَارَضَتْ الرِّوَايَتَانِ ذَهَبَ الْمُصَنِّفُ إلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute