(وَمَنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ وَهِيَ مِنْ ذَوَاتِ الْحَيْضِ وَقَدْ دَخَلَ بِهَا: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا لِلسُّنَّةِ وَلَا نِيَّةَ لَهُ فَهِيَ طَالِقٌ عِنْدَ كُلِّ طُهْرٍ تَطْلِيقَةً)؛ لِأَنَّ اللَّامَ فِيهِ لِلْوَقْتِ وَوَقْتُ السُّنَّةِ طُهْرٌ لَا جِمَاعَ فِيهِ (وَإِنْ نَوَى أَنْ تَقَعَ الثَّلَاثُ السَّاعَةَ أَوْ عِنْدَ رَأْسِ كُلِّ شَهْرٍ وَاحِدَةٌ فَهُوَ عَلَى مَا نَوَى) سَوَاءٌ كَانَتْ فِي حَالَةِ الْحَيْضِ أَوْ فِي حَالَةِ الطُّهْرِ. وَقَالَ زُفَرُ: لَا تَصِحُّ نِيَّةُ الْجَمْعِ
بَيَانِ وَجْهِهِمَا بِالْمَعَانِي الْفِقْهِيَّةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ
(قَوْلُهُ: وَمَنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ) اعْلَمْ أَنَّ مَنْ قَالَ لِمَدْخُولٍ بِهَا: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا لِلسُّنَّةِ، فَإِمَّا أَنْ تَكُونَ مِنْ ذَوَاتِ الْأَقْرَاءِ أَوْ الْأَشْهُرِ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى وَجْهَيْنِ: إمَّا أَنْ يَذْكُرَ ذَلِكَ وَلَا نِيَّةَ لَهُ، أَوْ نَوَى شَيْئًا، فَإِنْ كَانَتْ مِنْ ذَوَاتِ الْأَقْرَاءِ وَلَا نِيَّةَ لَهُ فَهِيَ طَالِقٌ عِنْدَ كُلِّ طُهْرٍ تَطْلِيقَةً، وَإِنْ نَوَى الثَّلَاثَ السَّاعَةَ أَوْ عِنْدَ رَأْسِ كُلِّ شَهْرٍ وَاحِدَةً فَهُوَ عَلَى مَا نَوَى، سَوَاءٌ كَانَتْ تِلْكَ السَّاعَةُ حَالَةَ الْحَيْضِ أَوْ حَالَةَ الطُّهْرِ، وَكَذَا رَأْسُ كُلِّ شَهْرٍ. وَقَالَ زُفَرُ: لَا تَصِحُّ نِيَّةُ الْجَمْعِ؛ لِأَنَّهُ بِدْعَةٌ وَهِيَ ضِدُّ السُّنَّةِ وَضِدُّ الشَّيْءِ لَا يُرَادُ بِهِ. وَلَنَا أَنَّ اللَّامَ فِيهِ أَيْ: فِي قَوْلِهِ لِلسُّنَّةِ لِلْوَقْتِ، وَالسُّنَّةُ تَكُونُ تَارَةً كَامِلَةً إيقَاعًا وَوُقُوعًا وَتَارَةً وُقُوعًا فَقَطْ، فَكَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا مُحْتَمَلًا، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ كَانَ مُطْلَقًا، وَالْمُطْلَقُ يَنْصَرِفُ إلَى الْكَامِلِ وَهُوَ السُّنَّةُ إيقَاعًا وَوُقُوعًا فَيَقَعُ عِنْدَ كُلِّ طُهْرٍ لَا جِمَاعَ فِيهِ تَطْلِيقَةٌ، وَإِذَا نَوَى صَرْفَ لَفْظِهِ إلَى السُّنَّةِ وُقُوعًا لِأَنَّ وُقُوعَ الثَّلَاثِ دَفْعَةً أَوْ فِي حَالَةِ الْحَيْضِ مَذْهَبُ أَهْلِ السُّنَّةِ، فَهُوَ سُنِّيٌّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَمِنْ حَيْثُ إنَّهُ عَرَفَ صِحَّةَ وُقُوعِهِ بِالسُّنَّةِ وَهُوَ مَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ ﵊ أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ أَلْفًا بَانَتْ مِنْهُ بِثَلَاثٍ وَالْبَاقِي رَدٌّ عَلَيْهِ» فَإِنْ قِيلَ: الْوُقُوعُ لَا يَتَحَقَّقُ إلَّا بِالْإِيقَاعِ؛ لِأَنَّهُ انْفِعَالُهُ فَإِذَا صَحَّ الْوُقُوعُ صَحَّ الْإِيقَاعُ فَكَانَ سُنِّيًّا وُقُوعًا وَإِيقَاعًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ. أُجِيبَ بِأَنَّ الْوُقُوعَ لَا يُوصَفُ بِالْحُرْمَةِ؛ لِأَنَّهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute