صَرِيحٌ فِي الْوَقْتِ لِأَنَّهُمَا مِنْ ظُرُوفِ الزَّمَانِ، وَكَذَا كَلِمَةُ " مَا " قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿مَا دُمْتُ حَيًّا﴾ أَيْ وَقْتَ الْحَيَاةِ.
(وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ لَمْ أُطَلِّقْك لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى يَمُوتَ) لِأَنَّ الْعَدَمَ لَا يَتَحَقَّقُ إلَّا بِالْيَأْسِ عَنْ الْحَيَاةِ وَهُوَ الشَّرْطُ كَمَا فِي قَوْلِهِ إنْ لَمْ آتِ الْبَصْرَةَ، وَمَوْتُهَا بِمَنْزِلَةِ مَوْتِهِ هُوَ الصَّحِيحُ.
وَقَوْلُهُ (كَمَا فِي قَوْلِهِ إنْ لَمْ آتِ الْبَصْرَةَ) يَعْنِي كَمَا إذَا قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ إنْ لَمْ آتِ الْبَصْرَةَ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ حَتَّى يَقَعَ الْيَأْسُ عَنْ الْإِتْيَانِ، فَإِذَا انْتَهَى إلَى الْمَوْتِ فَقَدْ وَقَعَ الْيَأْسُ فَوُجِدَ الشَّرْطُ وَالْمَحَلُّ قَابِلٌ وَالْمِلْكُ بَاقٍ فَوَقَعَ فَكَذَلِكَ هُنَا (وَمَوْتُهَا بِمَنْزِلَةِ مَوْتِهِ) يَعْنِي يَقَعُ الطَّلَاقُ بِمَوْتِهَا قُبَيْلَ مَوْتِهِ أَيْضًا. وَقَوْلُهُ (هُوَ الصَّحِيحُ) احْتِرَازٌ عَنْ رِوَايَةِ النَّوَادِرِ فَإِنَّهُ قَالَ فِيهَا لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ بِمَوْتِهَا لِأَنَّ الزَّوْجَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُطَلِّقَهَا مَا لَمْ تَمُتْ، وَإِنَّمَا عَجَزَ بِمَوْتِهَا، فَلَوْ وَقَعَ الطَّلَاقُ لَوَقَعَ بَعْدَ الْمَوْتِ وَهُوَ نَظِيرُ قَوْلِهِ إنْ لَمْ آتِ الْبَصْرَةَ. وَجْهُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَنَّ الْإِيقَاعَ مِنْ حُكْمِهِ الْوُقُوعُ وَقَدْ تَحَقَّقَ الْعَجْزُ عَنْ إيقَاعِهِ قُبَيْلَ مَوْتِهَا لِأَنَّهُ لَا يَعْقُبُهُ الْوُقُوعُ، كَمَا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ مَعَ مَوْتِك فَيَقَعُ الطَّلَاقُ قُبَيْلَ مَوْتِهَا بِلَا فَصْلٍ، وَلَا مِيرَاثَ لِلزَّوْجِ لِأَنَّ الْفُرْقَةَ وَقَعَتْ بَيْنَهُمَا قَبْلَ مَوْتِهَا بِإِيقَاعِ الطَّلَاقِ عَلَيْهَا. وَالْفَرْقُ بَيْنَ رِوَايَةِ مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ وَبَيْنَ قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ لَمْ آتِ الْبَصْرَةَ حَيْثُ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ بِمَوْتِهَا فِيهِ، وَفِي مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ يَقَعُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَنَّ فِي مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ تَحَقَّقَ شَرْطُ الْوُقُوعِ وَهُوَ عَدَمُ التَّطْلِيقِ فِي زَمَانٍ يُمْكِنُ التَّطْلِيقُ وَهُوَ آخِرُ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ حَيَاتِهِ فَتَطْلُقُ لِوُجُودِ الشَّرْطِ، بِخِلَافِ قَوْلِهِ إنْ لَمْ آتِ الْبَصْرَةَ لِأَنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute