(وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إذَا لَمْ أُطَلِّقْك، أَوْ إذَا مَا لَمْ أُطَلِّقْك لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى يَمُوتَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَالَا: تَطْلُقُ حِينَ سَكَتَ) لِأَنَّ كَلِمَةَ إذَا لِلْوَقْتِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ﴾ وَقَالَ قَائِلُهُمْ:
وَإِذَا تَكُونُ كَرِيهَةٌ أُدْعَى لَهَا … وَإِذَا يُحَاسُ الْحَيْسُ يُدْعَى جُنْدُبٌ
فَصَارَ بِمَنْزِلَةِ مَتَى وَمَتَى مَا، وَلِهَذَا لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ إذَا شِئْتِ لَا يَخْرُجُ الْأَمْرُ مِنْ يَدِهَا بِالْقِيَامِ عَنْ الْمَجْلِسِ
الشَّرْطُ بِمَوْتِهَا لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى إتْيَانِهِ الْبَصْرَةَ فَلَمْ يَتَحَقَّقْ الشَّرْطُ فَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ.
قَالَ (وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إذَا لَمْ أُطَلِّقْك أَوْ إذَا مَا لَمْ أُطَلِّقْك لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى يَمُوتَ) أَقُولُ: إذَا قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ إذَا لَمْ أُطَلِّقْك أَوْ إذَا مَا لَمْ أُطَلِّقْك. فَإِمَّا إنْ نَوَى شَيْئًا أَوْ لَمْ يَنْوِ، فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلَ، فَإِنْ نَوَى الْوَقْتَ وَقَعَ فِي الْحَالِ، وَإِنْ نَوَى الشَّرْطَ وَقَعَ فِي آخِرِ الْعُمُرِ لِأَنَّ اللَّفْظَ يَحْتَمِلُهُمَا وَنِيَّةُ الْمُحْتَمَلِ صَحِيحَةٌ، وَإِنْ كَانَ الثَّانِيَ فَقَدْ اخْتَلَفَ فِيهِ الْعُلَمَاءُ. قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى يَمُوتَ، وَقَالَا: طَلُقَتْ حِينَ سَكَتَ الزَّوْجُ لِأَنَّ كَلِمَةَ إذَا مَوْضُوعَةٌ لِلْوَقْتِ وَتُسْتَعْمَلُ لِلشَّرْطِ مِنْ غَيْرِ سُقُوطِ الْوَقْتِ كَمَتَى وَهُوَ مَذْهَبُ الْبَصْرِيِّينَ، وَاسْتَدَلَّ لَهُمَا بِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ﴾ لِإِفَادَةِ الْوَقْتِ الْخَالِصِ فِي أَمْرٍ مُتَرَقَّبٍ: أَيْ مُنْتَظَرٍ لَا مَحَالَةَ، وَبِقَوْلِهِ:
وَإِذَا تَكُونُ كَرِيهَةٌ أُدْعَى لَهَا … وَإِذَا يُحَاسُ الْحَيْسُ يُدْعَى جُنْدُبُ
لِإِفَادَتِهِ فِي أَمْرٍ كَائِنٍ فِي الْحَالِ، وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ فَصَارَ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ مَتَى وَمَتَى مَا إلَى عَدَمِ سُقُوطِ مَعْنَى الْوَقْتِ عِنْدَ اسْتِعْمَالِهِ شَرْطًا.
وَاسْتَوْضَحَ كَوْنَهُ بِمَعْنَى مَتَى بِقَوْلِهِ (وَلِهَذَا لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ إذَا شِئْت لَا يَخْرُجُ الْأَمْرُ مِنْ يَدِهَا بِالْقِيَامِ) كَمَا فِي قَوْلِهِ مَتَى شِئْت، وَلَوْ كَانَ بِمَعْنَى إنْ يَخْرُجُ الْأَمْرُ مِنْ يَدِهَا بِالْقِيَامِ عَنْ الْمَجْلِسِ كَمَا فِي إنْ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute