للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَفِي الثَّانِيَةِ وَاحِدَةٌ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُهُ لَكِنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ، وَلَوْ لَمْ يَقُلْ هَكَذَا تَقَعُ وَاحِدَةٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْتَرِنْ بِالْعَدَدِ الْمُبْهَمِ فَبَقِيَ الِاعْتِبَارُ بِقَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ

(وَإِذَا وَصَفَ الطَّلَاقَ بِضَرْبٍ مِنْ الشِّدَّةِ أَوْ الزِّيَادَةِ كَانَ بَائِنًا مِثْلُ أَنْ يَقُولَ: أَنْتِ طَالِقٌ بَائِنٌ أَوْ أَلْبَتَّةَ) وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يَقَعُ رَجْعِيًّا إذَا كَانَ بَعْدَ الدُّخُولِ بِهَا لِأَنَّ الطَّلَاقَ شُرِعَ مُعْقِبًا لِلرَّجْعَةِ فَكَانَ وَصْفُهُ بِالْبَيْنُونَةِ خِلَافَ الْمَشْرُوعِ فَيَلْغُو كَمَا إذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ عَلَى أَنْ لَا رَجْعَةَ لِي عَلَيْك. وَلَنَا أَنَّهُ وَصَفَهُ بِمَا يَحْتَمِلُهُ لَفْظُهُ؛ أَلَا تَرَى أَنَّ الْبَيْنُونَةَ قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا وَبَعْدَ الْعِدَّةِ تَحْصُلُ بِهِ فَيَكُونُ هَذَا الْوَصْفُ لِتَعْيِينِ أَحَدِ الْمُحْتَمَلَيْنِ،

ظَاهِرٌ.

وَقَوْلُهُ (وَلَنَا أَنَّهُ وَصَفَهُ) أَيْ وَصَفَ الطَّلَاقَ (بِمَا يَحْتَمِلُهُ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْبَيْنُونَةَ قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَ الْعِدَّةِ تَحْصُلُ بِهِ) وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مِنْ مُحْتَمَلَاتِهِ لَمْ يَحْصُلْ بِهِ (فَيَكُونُ هَذَا الْوَصْفُ لِتَعْيِينِ أَحَدِ الْمُحْتَمَلَيْنِ). وَاعْتُرِضَ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مُحْتَمِلًا لَهَا لَجَازَ نِيَّتُهَا فَيَقَعُ بِقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً بَائِنَةً إذَا نَوَى وَلَيْسَ كَذَلِكَ.

وَأُجِيبَ بِأَنَّ النِّيَّةَ إنَّمَا تَعْمَلُ إذَا لَمْ تَكُنْ مُغَيِّرَةً لِلْمَشْرُوعِ، وَنِيَّةُ الْبَائِنِ مِنْ قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ تُغَيِّرُ الْمَشْرُوعَ لِأَنَّ الطَّلَاقَ شُرِعَ مُعَقِّبًا لِلرَّجْعَةِ. وَرُدَّ بِأَنَّهُ تَسْلِيمٌ لِدَلِيلِ الْخَصْمِ وَمُحْوِجٌ إلَى الْفَرْقِ بَيْنَ عَدَمِ جَوَازِ كَوْنِ النِّيَّةِ مُغَيِّرَةً وَجَوَازِ كَوْنِ الْوَصْفِ مُغَيِّرًا لِلْمَشْرُوعِ.

وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْوَصْفَ الْمَلْفُوظَ أَقْوَى فِي اعْتِبَارِ الشَّرْعِ مِنْ النِّيَّةِ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ وَلَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ تَطْلِيقٌ اعْتَبَرَ الشَّرْعُ ذَلِكَ طَلَاقًا وَغَيَّرَ بِهِ مَشْرُوعًا وَهُوَ عَدَمُ اعْتِبَارِ الْكَذِبِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>