للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمَسْأَلَةُ الرَّجْعَةِ مَمْنُوعَةٌ فَتَقَعُ وَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ إذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ أَوْ نَوَى الثِّنْتَيْنِ. أَمَّا إذَا نَوَى الثَّلَاثَ فَثَلَاثٌ لِمَا مَرَّ مِنْ قَبْلُ، وَلَوْ عَنَى بِقَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً وَبِقَوْلِهِ بَائِنٌ أَوْ أَلْبَتَّةَ أُخْرَى تَقَعُ تَطْلِيقَتَانِ بَائِنَتَانِ لِأَنَّ هَذَا الْوَصْفَ يَصْلُحُ لِابْتِدَاءِ الْإِيقَاعِ (وَكَذَا إذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ أَفْحَشَ الطَّلَاقِ) لِأَنَّهُ إنَّمَا يُوصَفُ بِهَذَا الْوَصْفِ بِاعْتِبَارِ أَثَرِهِ وَهُوَ الْبَيْنُونَةُ فِي الْحَالِ فَصَارَ كَقَوْلِهِ بَائِنٌ، وَكَذَا إذَا قَالَ أَخْبَثَ الطَّلَاقِ (أَوْ أَسْوَأَهُ لِمَا ذَكَرْنَا، وَكَذَا إذَا قَالَ طَلَاقَ الشَّيْطَانِ

وَلَوْ نَوَى طَلَاقًا وَلَمْ يَتَلَفَّظْ بِلَفْظٍ لَمْ يُعْتَبَرْ طَلَاقًا لِئَلَّا يَتَغَيَّرَ الْمَشْرُوعُ وَهُوَ شَرْعِيَّةُ الْوُقُوعِ بِأَلْفَاظِ الطَّلَاقِ.

وَقَوْلُهُ (وَمَسْأَلَةُ الرَّجْعَةِ مَمْنُوعَةٌ) أَيْ لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ لَا يَقَعُ بَائِنًا بَلْ تَقَعُ وَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ، وَلَئِنْ سُلِّمَ فَالْفَرْقُ أَنَّ فِي قَوْلِهِ أَنْ لَا رَجْعَةَ تَصْرِيحًا بِنَفْيِ الْمَشْرُوعِ، وَفِي مَسْأَلَتِنَا وَصَفَهُ بِالْبَيْنُونَةِ وَلَمْ يَنْفِ الرَّجْعَةَ صَرِيحًا فَيَلْزَمُ مِنْهَا نَفْيُ الرَّجْعَةِ ضِمْنًا، وَكَمْ مِنْ شَيْءٍ يَثْبُتُ ضِمْنًا وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ قَصْدًا، كَذَا أَفَادَهُ شَيْخُ شَيْخِي الْعَلَّامَةُ. وَقَوْلُهُ (فَتَقَعُ وَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ) يَعْنِي فِيمَا إذَا قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ بَائِنٌ (إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ أَوْ نَوَى الثِّنْتَيْنِ، أَمَّا إذَا نَوَى الثَّلَاثَ فَثَلَاثٌ لِمَا مَرَّ مِنْ قَبْلُ) أَيْ فِي بَابِ إيقَاعِ الطَّلَاقِ بِقَوْلِهِ وَنَحْنُ نَقُولُ نِيَّةُ الثَّلَاثِ إنَّمَا صَحَّتْ لِكَوْنِهَا جِنْسًا. وَقَوْلُهُ (تَطْلِيقَتَانِ بَائِنَتَانِ) يَعْنِي عِنْدَنَا. وَقِيَاسُ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ تَطْلِيقَتَانِ رَجْعِيَّتَانِ.

وَقَوْلُهُ لِأَنَّ هَذَا الْوَصْفَ) يَعْنِي قَوْلَهُ بَائِنٌ أَوْ أَلْبَتَّةَ يَصْلُحُ لِابْتِدَاءِ الْإِيقَاعِ بِأَنْ كَانَ يَقُولُ أَنْتِ بَائِنٌ أَوْ أَنْتِ أَلْبَتَّةَ وَنَوَى بِهِ الطَّلَاقَ، وَكَذَا إذَا نَوَى بِبَتِّهِ تَطْلِيقَةً أُخْرَى وَيَكُونُ خَبَرًا بَعْدَ خَبَرٍ فَكَانَ كَقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ أَنْتِ بَائِنٌ وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا رَجْعِيًّا عَمَلًا بِقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ إلَّا أَنَّا جَعَلْنَاهُ بَائِنًا لِعَدَمِ الْإِمْكَانِ لِأَنَّ الثَّانِيَ يَكُونُ بَائِنًا لَا مَحَالَةَ عِنْدَنَا فَيَكُونُ الْأَوَّلُ كَذَلِكَ ضَرُورَةً إذْ لَا يُتَصَوَّرُ بَقَاءُ الْأَوَّلِ رَجْعِيًّا إذَا صَارَ الثَّانِي بَائِنًا، وَهَذَا يُشِيرُ إلَى أَنَّ الْأَوَّلَ يَقَعُ رَجْعِيًّا ابْتِدَاءً فَيَنْقَلِبُ بَائِنًا بِوُقُوعِ الثَّانِي بَائِنًا لِعَدَمِ تَصَوُّرِ بَقَائِهِ رَجْعِيًّا.

وَهَذَا صَحِيحٌ ظَاهِرٌ، وَمِنْ النَّاسِ مَنْ ذَهَبَ إلَى أَنَّ الْأَوَّلَ يَقَعُ رَجْعِيًّا. فَإِنْ أَرَادَ مَا ذَكَرْنَاهُ فَلَا كَلَامَ فِيهِ، وَإِنْ أَرَادَ بَقَاءَهُ رَجْعِيًّا فَلَيْسَ بِصَحِيحٍ. وَقَوْلُهُ (وَكَذَا إذَا قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ أَفْحَشَ الطَّلَاقِ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ بَائِنٌ فِي الْأَحْكَامِ

<<  <  ج: ص:  >  >>