أَوْ طَلَاقَ الْبِدْعَةِ) لِأَنَّ الرَّجْعِيَّ هُوَ السُّنِّيُّ فَيَكُونُ قَوْلُهُ: الْبِدْعَةَ وَطَلَاقَ الشَّيْطَانِ بَائِنًا. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ فِي قَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ لِلْبِدْعَةِ أَنَّهُ لَا يَكُونُ بَائِنًا إلَّا بِالنِّيَّةِ لِأَنَّ الْبِدْعَةَ قَدْ تَكُونُ مِنْ حَيْثُ الْإِيقَاعُ فِي حَالَةِ حَيْضٍ فَلَا بُدَّ مِنْ النِّيَّةِ. وَعَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ إذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ لِلْبِدْعَةِ أَوْ طَلَاقَ الشَّيْطَانِ يَكُونُ رَجْعِيًّا لِأَنَّ هَذَا الْوَصْفَ قَدْ يَتَحَقَّقُ بِالطَّلَاقِ فِي حَالَةِ الْحَيْضِ فَلَا تَثْبُتُ الْبَيْنُونَةُ بِالشَّكِّ (وَكَذَا إذَا قَالَ: كَالْجَبَلِ) لِأَنَّ التَّشْبِيهَ بِهِ يُوجِبُ زِيَادَةً لَا مَحَالَةَ وَذَلِكَ بِإِثْبَاتِ زِيَادَةِ الْوَصْفِ، وَكَذَا إذَا قَالَ: مِثْلَ الْجَبَلِ لِمَا قُلْنَا، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: يَكُونُ رَجْعِيًّا لِأَنَّ الْجَبَلَ شَيْءٌ وَاحِدٌ فَكَانَ تَشْبِيهًا بِهِ فِي تَوَحُّدِهِ
(وَلَوْ قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ أَشَدَّ الطَّلَاقِ أَوْ كَأَلْفٍ أَوْ مِلْءَ الْبَيْتِ فَهِيَ وَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ ثَلَاثًا) أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّهُ وَصَفَهُ بِالشِّدَّةِ وَهُوَ الْبَائِنُ لِأَنَّهُ لَا يَحْتَمِلُ الِانْتِقَاضَ وَالِارْتِفَاضَ، أَمَّا الرَّجْعِيُّ فَيَحْتَمِلُهُ، وَإِنَّمَا تَصِحُّ نِيَّةُ الثَّلَاثِ لِذِكْرِهِ الْمَصْدَرَ،
الْأَرْبَعَةِ وَهِيَ قَوْلُهُ فَتَقَعُ وَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ أَوْ نَوَى الثِّنْتَيْنِ. وَلَوْ نَوَى الثَّلَاثَ فَثَلَاثٌ، وَلَوْ نَوَى بِقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً وَبِقَوْلِهِ أَفْحَشَ الطَّلَاقِ وَاحِدَةً أُخْرَى يَقَعُ تَطْلِيقَتَانِ: وَكَذَا الْجَوَابُ فِي قَوْلِهِ أَخْبَثَ الطَّلَاقِ أَوْ أَشَرَّهُ أَوْ أَشَدَّهُ أَوْ أَكْبَرَهُ أَوْ أَسْوَأَهُ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ إنَّمَا يُوصَفُ بِهَذَا الْوَصْفِ بِاعْتِبَارِ أَثَرِهِ وَهُوَ الْبَيْنُونَةُ فِي الْحَالِ لَا بِاعْتِبَارِ ذَاتِهِ لِكَوْنِهِ غَيْرَ مَحْسُوسٍ. وَمَا هُوَ غَيْرُ مَحْسُوسٍ فَإِنَّمَا يُعْرَفُ بِأَثَرِهِ فَصَارَ كَأَنَّهُ قَالَ أَنْتِ بَائِنٌ. فَإِنْ قِيلَ: أَفْحَشُ وَأَشَدُّ وَنَحْوُهُمَا أَفْعَلُ التَّفْضِيلِ فَيَقْتَضِي فَاحِشًا وَأَفْحَشَ، وَالْفَاحِشُ هُوَ الْبَائِنُ. وَالْأَفْحَشُ مِنْهُ هُوَ الثَّلَاثُ فَيَنْبَغِي أَنْ تَقَعَ الثَّلَاثُ بِهِ وَنَوَى أَوْ لَمْ يَنْوِ. أُجِيبَ بِأَنَّ أَفْعَلَ قَدْ يَكُونُ لِإِثْبَاتِ أَصْلِ الْوَصْفِ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ كَقَوْلِهِ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute