لِلِاسْتِيصَافِ، يُقَالُ كَيْفَ أَصْبَحْت وَالتَّفْوِيضُ فِي وَصْفِهِ يَسْتَدْعِي وُجُودَ أَصْلِهِ وَوُجُودَ الطَّلَاقِ بِوُقُوعِهِ.
(وَإِنْ قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ كَمْ شِئْت أَوْ مَا شِئْت طَلَّقَتْ نَفْسَهَا مَا شَاءَتْ) لِأَنَّهُمَا يُسْتَعْمَلَانِ لِلْعَدَدِ فَقَدْ فَوَّضَ إلَيْهَا أَيَّ عَدَدٍ شَاءَتْ
مَا ذُكِرَ فِي الْأَصْلِ.
(وَإِنْ قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ كَمْ شِئْت أَوْ مَا شِئْت طَلَّقَتْ نَفْسَهَا مَا شَاءَتْ) ذَكَرَ فِي أَصْلِ رِوَايَةِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ: إنْ شَاءَتْ طَلَّقَتْ نَفْسَهَا وَاحِدَةً أَوْ ثِنْتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا مَا لَمْ تَقُمْ مِنْ مَجْلِسِهَا، فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ يُبَاحُ لَهَا أَنْ تُطَلِّقَ نَفْسَهَا ثَلَاثًا وَالزَّوْجُ لَا يَسَعُهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا ثَلَاثًا؟ أُجِيبَ بِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ إنْ شَاءَتْ طَلَّقَتْ نَفْسَهَا ثَلَاثًا مَشِيئَةَ الْقُدْرَةِ لَا مَشِيئَةَ الْإِبَاحَةِ: يَعْنِي أَنَّهَا تَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ﴾ عَلَى أَنَّهُ رُوِيَ عَنْ الْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ ذَلِكَ مُبَاحٌ لَهَا فِي التَّخْيِيرِ.
وَوَجْهُ الِاخْتِصَاصِ اضْطِرَارُهَا، فَإِنَّ التَّفْرِيقَ يُخْرِجُ الْأَمْرَ مِنْ يَدِهَا. وَقَوْلُهُ (لِأَنَّهُمَا يَعْنِي كَمْ وَمَا يُسْتَعْمَلَانِ لِلْعَدَدِ فَقَدْ فَوَّضَ إلَيْهَا أَيَّ عَدَدٍ شَاءَتْ) فَإِنْ قِيلَ: هَذَا فِي " كَمْ " مُسَلَّمٌ، وَأَمَّا فِي " مَا " فَهِيَ مُسْتَعْمَلَةٌ لِلْوَقْتِ كَمَا تُسْتَعْمَلُ لِلْعَدَدِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿مَا دُمْتُ حَيًّا﴾ فَقَدْ وَقَعَ الشَّكُّ فِي تَفْوِيضِ الْعَدَدِ إلَيْهَا فَلَا يَثْبُتُ الْعَدَدُ بِالشَّكِّ. أُجِيبَ بِأَنَّ جَانِبَ الْعَدَدِ مُرَجَّحٌ بِأَصْلٍ آخَرَ وَهُوَ أَنَّ هَذَا تَفْوِيضٌ بِمَعْنَى التَّمْلِيكِ لِأَنَّهُ تَفْوِيضٌ إلَى الْمَرْأَةِ أَمْرَ نَفْسِهَا وَالتَّمْلِيكَاتُ تَقْتَصِرُ عَلَى الْمَجْلِسِ، وَذَلِكَ إنَّمَا يَكُونُ أَنْ لَوْ كَانَتْ مَعْمُولَةً بِمَعْنَى الْعَدَدِ لَا بِمَعْنَى الْوَقْتِ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ فِيهِ مَعْنَى التَّعْلِيقِ فَيَتَوَقَّفُ عَلَى مَا وَرَاءِ الْمَجْلِسِ فَتَعَارَضَ جِهَتَا التَّرْجِيحِ.
وَالْجَوَابُ أَنَّهُ تَمْلِيكٌ فِيهِ مَعْنَى التَّعْلِيقِ، وَالْأَوَّلُ كَالْأَصْلِ فَالتَّرْجِيحُ بِهِ أَوْلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute