(فَإِنْ قَامَتْ مِنْ الْمَجْلِسِ بَطَلَ، وَإِنْ رَدَّتْ الْأَمْرَ كَانَ رَدًّا) لِأَنَّ هَذَا أَمْرٌ وَاحِدٌ وَهُوَ خِطَابٌ فِي الْحَالِ فَيَقْتَضِي الْجَوَابَ فِي الْحَالِ.
(وَإِنْ قَالَ لَهَا: طَلِّقِي نَفْسَك مِنْ ثَلَاثٍ مَا شِئْت فَلَهَا أَنْ تُطَلِّقَ نَفْسَهَا وَاحِدَةً أَوْ ثِنْتَيْنِ وَلَا تُطَلِّقَ ثَلَاثًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ﵀، وَقَالَا: تُطَلِّقُ ثَلَاثًا إنْ شَاءَتْ) لِأَنَّ كَلِمَةَ مَا مُحْكَمَةٌ فِي التَّعْمِيمِ وَكَلِمَةَ مَنْ قَدْ تُسْتَعْمَلُ لِتَمْيِيزٍ فَحُمِلَ عَلَى تَمْيِيزِ الْجِنْسِ، كَمَا إذَا قَالَ: كُلْ مِنْ طَعَامِي مَا شِئْت أَوْ طَلِّقْ مِنْ نِسَائِي مَنْ شَاءَتْ. وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ كَلِمَةَ مِنْ حَقِيقَةٌ لِلتَّبْعِيضِ وَمَا لِلتَّعْمِيمِ فَعُمِلَ بِهِمَا،
فَإِنْ قَامَتْ عَنْ الْمَجْلِسِ بَطَلَ الْأَمْرُ) لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّهُ تَمْلِيكٌ وَالتَّمْلِيكُ يَقْتَصِرُ عَلَى الْمَجْلِسِ (وَإِنْ رَدَّتْ الْأَمْرَ كَانَ رَدًّا لِأَنَّ هَذَا أَمْرٌ وَاحِدٌ) إذْ لَيْسَ فِيهِ مَا يَدُلُّ عَلَى التَّكْرَارِ، قِيلَ هُوَ احْتِرَازٌ عَنْ كُلَّمَا، وَكُلُّ مَا هُوَ أَمْرٌ وَاحِدٌ يَقْتَضِي جَوَابًا وَاحِدًا لِيَكُونَ الْجَوَابُ مُطَابِقًا لِلسُّؤَالِ وَذَلِكَ الْجَوَابُ الْوَاحِدُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِي الْحَالِ، إذْ لَيْسَ فِي كَلَامِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى الْوَقْتِ مُرَادًا. قِيلَ وَهُوَ احْتِرَازٌ عَنْ إذَا وَمَتَى وَالْخِطَابُ فِي الْحَالِ يَقْتَضِي الْجَوَابَ فِي الْحَالِ لِمَا قُلْنَا، فَإِذَا رَدَّتْ الْأَمْرَ فَقَدْ حَصَلَ الْجَوَابُ فِي الْحَالِ وَلَا جَوَابَ بَعْدَهُ لِعَدَمِ التَّكْرَارِ،.
وَإِنْ قَالَ لَهَا طَلِّقِي نَفْسَك مِنْ ثَلَاثٍ مَا شِئْت، فَلَهَا أَنْ تُطَلِّقَ نَفْسَهَا وَاحِدَةً وَثِنْتَيْنِ دُونَ الثَّلَاثِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَالَا: لَهَا أَنْ تُطَلِّقَ ثَلَاثًا (لِأَنَّ كَلِمَةَ مَا مُحْكَمَةٌ فِي التَّعْمِيمِ وَكَلِمَةَ مَنْ قَدْ تَكُونُ لِلتَّمْيِيزِ) يَعْنِي لِلْبَيَانِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى ﴿فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الأَوْثَانِ﴾ وَقَدْ تَكُونُ لِلتَّبْعِيضِ وَقَدْ تَكُونُ لِغَيْرِهِمَا كَمَا عُرِفَ ذَلِكَ فَاجْتَمَعَ فِي كَلَامِهِ الْمُحْكَمُ وَالْمُحْتَمَلُ فَيُحْمَلُ الْمُحْتَمَلُ عَلَى الْمُحْكَمِ وَيُجْعَلُ بَيَانًا (كَمَا إذَا قَالَ كُلْ مِنْ طَعَامِي مَا شِئْت أَوْ طَلُقَ مِنْ نِسَائِي مَنْ شَاءَتْ. وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ كَلِمَةَ مَنْ حَقِيقَةٌ لِلتَّبْعِيضِ وَمَا لِلتَّعْمِيمِ وَالْعَمَلُ بِهِمَا مُمْكِنٌ) مِنْ حَيْثُ أَنْ يُجْعَلَ الْمُرَادُ بَعْضًا عَامًّا، وَالثِّنْتَانِ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْوَاحِدَةِ عَامٌّ وَبِالنِّسْبَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute