لِأَنَّهُ لَا يَتَسَارَعُ إلَيْهِ الْجَفَافُ وَلَا يَغْفُلُ عَنْهُ عَادَةً فَافْتَرَقَا. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: أَنَّ تَرْكَ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ كَتَرْكِ عُضْوٍ كَامِلٍ. وَعَنْهُ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ رَحْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِ: هُوَ بِمَنْزِلَةِ مَا دُونَ الْعُضْوِ لِأَنَّ فِي فَرْضِيَّتِهِ اخْتِلَافًا بِخِلَافِ غَيْرِهِ مِنْ الْأَعْضَاءِ.
(وَمَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَامِلٌ أَوْ وَلَدَتْ مِنْهُ وَقَالَ لَمْ أُجَامِعْهَا فَلَهُ الرَّجْعَةُ) لِأَنَّ الْحَبَلَ مَتَى ظَهَرَ فِي مُدَّةٍ يُتَصَوَّرُ أَنْ يَكُونَ مِنْهُ جُعِلَ مِنْهُ لِقَوْلِهِ ﷺ «الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ» وَذَلِكَ دَلِيلُ الْوَطْءِ مِنْهُ وَكَذَا إذَا ثَبَتَ نَسَبُ الْوَلَدِ
لِأَنَّهُ لَا يَتَسَارَعُ إلَيْهِ الْجَفَافُ) فَلَمَّا لَمْ يَكُنْ مَبْلُولًا عَلِمَ أَنَّهُ لَمْ يُصِبْهُ الْمَاءُ لِعَدَمِ الْغَفْلَةِ عَنْهُ عَادَةً فَلَا تَنْقَطِعُ الرَّجْعَةُ، وَهَذَا إشَارَةٌ إلَى اسْتِحْسَانِ أَبِي يُوسُفَ، فَانْظُرْ حِذْقَ الْمُصَنِّفِ فِي هَذَا الْإِدْرَاجِ اللَّطِيفِ الَّذِي قَلَّمَا وَقَعَ مِثْلُهُ لِغَيْرِهِ، جَزَاهُ اللَّهُ عَنْ الْمُحَصِّلِينَ خَيْرًا (وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ تَرْكَ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ كَتَرْكِ عُضْوٍ كَامِلٍ) وَالْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ لِأَنَّ الْحُكْمَ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ذَلِكَ وَهُوَ رِوَايَةُ هِشَامٍ عَنْهُ، وَذَلِكَ لِأَنَّ حُكْمَ الْحَيْضِ بَاقٍ لِكَوْنِهِمَا فَرْضَيْنِ فِي الْجَنَابَةِ (وَ) فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى (عَنْهُ) وَهُوَ رِوَايَةُ الْكَرْخِيِّ عَنْ مُحَمَّدٍ (هُوَ) أَيْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا (بِمَنْزِلَةِ مَا دُونَ الْعُضْوِ لِأَنَّ فِي فَرْضِيَّتِهِ اخْتِلَافًا) فَإِنَّ الْمَضْمَضَةَ وَالِاسْتِنْشَاقَ سُنَّتَانِ عِنْدَ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَكَانَ الِاحْتِيَاطُ فِي انْقِطَاعِ الرَّجْعَةِ (بِخِلَافِ غَيْرِهِ مِنْ الْأَعْضَاءِ) فَإِنَّهُ لَا خِلَافَ لِأَحَدٍ فِي فَرْضِيَّتِهِ.
قَالَ (وَمَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَامِلٌ أَوْ وَلَدَتْ مِنْهُ ثُمَّ طَلَّقَهَا وَقَالَ لَمْ أُجَامِعْهَا ثُمَّ أَرَادَ الرَّجْعَةَ) فَلَهُ ذَلِكَ، وَلَا مُعْتَبَرَ بِقَوْلِهِ لَمْ أُجَامِعْهَا لِأَنَّهُ ظَهَرَ الْحَبَلُ فِي مُدَّةٍ يُتَصَوَّرُ أَنْ يَكُونَ مِنْهُ لِكَوْنِ الْمَسْأَلَةِ مَوْضُوعَةً فِي ذَلِكَ، وَمَتَى ظَهَرَ فِي مُدَّةٍ يُتَصَوَّرُ أَنْ يَكُونَ مِنْهُ جُعِلَ مِنْهُ (لِقَوْلِهِ ﵊ «الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ») الْحَدِيثَ (وَذَلِكَ) أَيْ جَعْلُ الْحَمْلِ مِنْهُ (دَلِيلُ الْوَطْءِ مِنْهُ، وَكَذَا إذَا ثَبَتَ نَسَبُ الْوَلَدِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute