مِنْهُ جُعِلَ وَاطِئًا، وَإِذَا ثَبَتَ الْوَطْءُ تَأَكَّدَ الْمِلْكُ وَالطَّلَاقُ فِي مِلْكٍ مُتَأَكِّدٍ يَعْقُبُ الرَّجْعَةَ وَيَبْطُلُ زَعْمُهُ بِتَكْذِيبِ الشَّرْعِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَثْبُتُ بِهَذَا الْوَطْءِ الْإِحْصَانُ فَلَأَنْ تَثْبُتَ بِهِ الرَّجْعَةُ أَوْلَى. وَتَأْوِيلُ مَسْأَلَةِ الْوِلَادَةِ أَنْ تَلِدَ قَبْلَ الطَّلَاقِ، لِأَنَّهَا لَوْ وَلَدَتْ بَعْدَهُ تَنْقَضِي الْعِدَّةُ بِالْوِلَادَةِ فَلَا تُتَصَوَّرُ الرَّجْعَةُ.
قَالَ: (فَإِنْ خَلَا بِهَا وَأَغْلَقَ بَابًا أَوْ أَرْخَى سِتْرًا
مِنْهُ جُعِلَ وَاطِئًا) لِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ بِدُونِهِ (وَإِذَا ثَبَتَ الْوَطْءُ تَأَكَّدَ الْمِلْكُ، وَالطَّلَاقُ فِي مِلْكٍ مُتَأَكَّدٍ يَعْقُبُ الرَّجْعَةَ وَيَبْطُلُ زَعْمُهُ) أَنَّهُ لَمْ يُجَامِعْهَا (بِتَكْذِيبِ الشَّارِعِ) وَفِيهِ بَحْثٌ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنَّ النَّسَبَ يَثْبُتُ دَلَالَةً، وَقَوْلُهُ لَمْ أُجَامِعْهَا صَرِيحٌ، وَالصَّرِيحُ يَفُوقُ الدَّلَالَةَ. وَالثَّانِي أَنَّهُ أَقَرَّ بِقَوْلِهِ لَمْ أُجَامِعْهَا لِسُقُوطِ حَقٍّ مُسْتَحَقٍّ لَهُ، وَتَكْذِيبُ الشَّارِعِ لَا يَرُدُّهُ، كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِعَيْنٍ لِإِنْسَانٍ ثُمَّ اشْتَرَاهَا ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ مِنْ يَدِهِ ثُمَّ وَصَلَتْ إلَيْهِ أُمِرَ بِالتَّسْلِيمِ إلَى الْمُقَرِّ لَهُ وَإِنْ صَارَ مُكَذَّبًا شَرْعًا.
وَأُجِيبَ عَنْ الْأَوَّلِ بِأَنَّ الدَّلَالَةَ مِنْ الشَّارِعِ وَالصَّرِيحَ مِنْ الْعَبْدِ وَدَلَالَةَ الشَّارِعِ أَقْوَى لِاحْتِمَالِ الْكَذِبِ مِنْ الْعَبْدِ دُونَ الشَّارِعِ. وَعَنْ الثَّانِي بِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَلَّقْ هَاهُنَا بِإِقْرَارِهِ حَقُّ الْغَيْرِ وَالْمُوجِبُ لِلرَّجْعَةِ وَهُوَ الطَّلَاقُ بَعْدَ الدُّخُولِ ثَابِتٌ فَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الْحُكْمُ لِثُبُوتِ الْمُقْتَضَى وَانْتِفَاءِ الْمَانِعِ، بِخِلَافِ الْمُسْتَشْهَدِ بِهِ فَإِنَّ الْمَانِعَ ثَمَّ مَوْجُودٌ وَهُوَ تَعَلُّقُ حَقِّ الْغُرَمَاءِ بِهِ. وَقَوْلُهُ (أَلَا تَرَى) تَوْضِيحٌ لِقَوْلِهِ وَالطَّلَاقُ فِي مِلْكٍ مُتَأَكَّدٍ يَعْقُبُ الرَّجْعَةَ وَبَيَانُ الْأَوْلَوِيَّةِ أَنَّ الْإِحْصَانَ لَهُ مَدْخَلٌ فِي وُجُودِ الْعُقُوبَةِ وَمَعَ هَذَا يَثْبُتُ بِهَذَا الْوَطْءِ (فَلَأَنْ يَثْبُتَ بِهِ الرَّجْعَةُ) الَّتِي لَيْسَتْ فِيهَا جِهَةُ الْعُقُوبَةِ (أَوْلَى) وَقَوْلُهُ (وَتَأْوِيلُ مَسْأَلَةِ الْوِلَادَةِ) ظَاهِرٌ.
(فَإِنْ خَلَا بِهَا وَأَغْلَقَ بَابًا أَوْ أَرْخَى سِتْرًا) عَلَى رِوَايَةِ كِتَابِ الطَّلَاقِ بِكَلِمَةِ أَوْ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute