«لِكُلِّ مِسْكِينٍ نِصْفُ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ» وَلِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ دَفْعُ حَاجَةِ الْيَوْمِ لِكُلِّ مِسْكِينٍ فَيُعْتَبَرُ بِصَدَقَةِ الْفِطْرِ، وَقَوْلُهُ أَوْ قِيمَةُ ذَلِكَ مَذْهَبُنَا وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي الزَّكَاةِ
(فَإِنْ أَعْطَى مَنًّا مِنْ بُرٍّ وَمَنَوَيْنِ مِنْ تَمْرٍ أَوْ شَعِيرٍ جَازَ) لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ إذْ الْجِنْسُ مُتَّحِدٌ (وَإِنْ أَمَرَ غَيْرَهُ أَنْ يُطْعِمَ عَنْهُ مِنْ ظِهَارِهِ فَفَعَلَ أَجْزَأَهُ) لِأَنَّهُ اسْتِقْرَاضٌ مَعْنًى وَالْفَقِيرُ قَابِضٌ لَهُ
وَذَكَرَ فِي الْمُغْرِبِ سَلَمَةَ بْنَ صَخْرٍ الْبَيَاضِيَّ، وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مُوَافِقٌ لِمَا أَوْرَدَهُ الْإِمَامُ الْمُسْتَغْفِرِيُّ فِي مَعْرِفَةِ الصَّحَابَةِ قَالَ: سُهَيْلُ بْنُ صَخْرٍ اللَّيْثِيُّ.
وَقَوْلُهُ فَيُعْتَبَرُ بِصَدَقَةِ الْفِطْرِ) يَعْنِي فِي الْمِقْدَارِ، وَلَكِنْ بَيْنَهُمَا فَرْقٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، وَهُوَ أَنَّ التَّفْرِيقَ هَاهُنَا بِأَنْ يُعْطِيَ فَقِيرًا مَنًّا مِنْ حِنْطَةٍ وَمَنًّا آخَرَ فَقِيرًا آخَرَ لَا يَجُوزُ، لِأَنَّ الْوَاجِبَ إطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا فَكَانَ الْعَدَدُ مُعْتَبَرًا كَالْمِقْدَارِ، وَمَتَى فَرَّقَ لَمْ يُوجَدْ الْإِطْعَامُ الْمُعْتَادُ لِلْمَسَاكِينِ، وَأَمَّا فِي صَدَقَةِ الْفِطْرِ فَالْمُعْتَبَرُ فِيهَا الْقَدْرُ دُونَ الْعَدَدِ لِكَوْنِهِ مَسْكُوتًا عَنْهُ فَيَكُونُ التَّفْرِيقُ جَائِزًا. وَقَوْلُهُ (أَوْ قِيمَةَ ذَلِكَ) ظَاهِرٌ.
وَقَوْلُهُ (لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ إذْ الْجِنْسُ مُتَّحِدٌ) يَعْنِي مِنْ حَيْثُ الْإِطْعَامُ وَسَدُّ الْجَوْعَةِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْبُرِّ وَالتَّمْرِ وَالشَّعِيرِ الْإِطْعَامُ فَيَجُوزُ تَكْمِيلُ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ، وَأَمَّا إذَا اخْتَلَفَ الْجِنْسُ كَمَا إذَا أَطْعَمَ خَمْسَةَ مَسَاكِينَ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ بِطَرِيقِ الْإِبَاحَةِ وَكَسَا خَمْسَةَ مَسَاكِينَ وَالْكِسْوَةُ أَرْخَصُ مِنْ الطَّعَامِ لَمْ يُجِزْهُ لِمَا أَنَّ الْمَقْصُودَ بِالْكِسْوَةِ غَيْرُ الْمَقْصُودِ بِالْإِطْعَامِ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْإِبَاحَةَ فِي أَحَدِهِمَا تَجُوزُ دُونَ الْآخَرِ. وَاسْتَشْكَلَ بِمَا إذَا أَعْتَقَ نِصْفَ رَقَبَتَيْنِ بِأَنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ شَرِيكِهِ عَبْدَانِ فَأَعْتَقَ نَصِيبَهُ مِنْهُمَا عَنْ الْكَفَّارَةِ لَا يَجُوزُ عَنْهَا وَإِنْ اتَّحَدَ الْجِنْسُ مِنْ حَيْثُ الْإِعْتَاقُ. وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ إنَّمَا لَا يَجُوزُ لِأَنَّ نِصْفَ الرَّقَبَتَيْنِ لَيْسَ بِرَقَبَةٍ كَامِلَةٍ، وَالشَّرِكَةُ فِي كُلِّ رَقَبَةٍ تَمْنَعُ التَّكْفِيرَ بِهَا. وَقَوْلُهُ (وَإِنْ أَمَرَ غَيْرَهُ أَنْ يُطْعِمَ عَنْهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute