للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوَّلًا ثُمَّ لِنَفْسِهِ فَتَحَقَّقَ تَمَلُّكُهُ ثُمَّ تَمْلِيكُهُ

(فَإِنْ غَدَّاهُمْ وَعَشَّاهُمْ جَازَ قَلِيلًا كَانَ مَا أَكَلُوا أَوْ كَثِيرًا) وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا يُجْزِئُهُ إلَّا التَّمْلِيكُ اعْتِبَارًا بِالزَّكَاةِ وَصَدَقَةِ الْفِطْرِ، وَهَذَا لِأَنَّ التَّمْلِيكَ أَدْفَعُ لِلْحَاجَةِ فَلَا يَنُوبُ مَنَابَهُ الْإِبَاحَةُ. وَلَنَا أَنَّ الْمَنْصُوصَ عَلَيْهِ هُوَ الْإِطْعَامُ وَهُوَ حَقِيقَةٌ فِي التَّمْكِينِ مِنْ الطُّعْمِ وَفِي الْإِبَاحَةِ ذَلِكَ كَمَا فِي التَّمْلِيكِ، أَمَّا الْوَاجِبُ فِي الزَّكَاةِ الْإِيتَاءُ وَفِي صَدَقَةِ الْفِطْرِ الْأَدَاءُ وَهُمَا لِلتَّمْلِيكِ حَقِيقَةً (وَلَوْ كَانَ فِيمَنْ عَشَّاهُمْ صَبِيٌّ فَطِيمٌ لَا يُجْزِئُهُ)

مِنْ ظِهَارِهِ) ظَاهِرٌ.

وَقَوْلُهُ (فَإِنْ غَدَّاهُمْ وَعَشَّاهُمْ) بِكَلِمَةِ الْوَاوِ لَا بِأَوْ لِأَنَّ التَّغْذِيَةَ وَحْدَهَا أَوْ التَّعْشِيَةَ وَحْدَهَا لَا تُجْزِئُ. قَالَ فِي الْمَبْسُوطِ: الْمُعْتَبَرُ فِي التَّمْكِينِ أَكْلَتَانِ مُشْبِعَتَانِ، إمَّا الْغَدَاءُ وَالْعَشَاءُ، وَإِمَّا غَدَاءَانِ أَوْ عَشَاءَانِ لِكُلِّ مِسْكِينٍ، فَإِنَّ الْمُعْتَبَرَ حَاجَةُ الْيَوْمِ وَذَلِكَ بِالْغَدَاءِ وَالْعَشَاءِ. وَفِي الْمُجَرَّدِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ : إذَا غَدَّى سِتِّينَ وَعَشَّى سِتِّينَ آخَرِينَ لَا يَجُوزُ. وَقَوْلُهُ (قَلِيلًا أَكَلُوا أَوْ كَثِيرًا) يَعْنِي أَنَّ الْمُعْتَبَرَ هُوَ الشِّبَعُ لَا الْمِقْدَارُ. وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمْ شَبْعَانَ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ، فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ بِجَوَازِهِ لِأَنَّهُ وُجِدَ إطْعَامُ الْعَدَدِ الْمُعَيَّنِ وَقَدْ شَبِعُوا، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ لَا يَجُوزُ لِأَنَّ الْمَأْخُوذَ عَلَيْهِ إشْبَاعُ السِّتِّينَ وَهُوَ مَا أَشْبَعَهُمْ.

وَقَوْلُهُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ) مُتَّصِلٌ بِقَوْلِهِ فَإِنْ غَدَّاهُمْ وَعَشَّاهُمْ وَهُوَ لَا يُجَوِّزُ فِي الْكَفَّارَةِ إلَّا التَّمْلِيكُ قِيَاسًا عَلَى الزَّكَاةِ وَصَدَقَةِ الْفِطْرِ (وَهَذَا) أَيْ عَدَمُ جَوَازِ الْإِبَاحَةِ (لِأَنَّ التَّمْلِيكَ أَدْفَعُ لِلْحَاجَةِ فَلَا يَنُوبُ مَنَابَهُ الْإِبَاحَةُ. وَلَنَا أَنَّ الْمَنْصُوصَ عَلَيْهِ هُوَ الْإِطْعَامُ، وَهُوَ حَقِيقَةٌ فِي التَّمْكِينِ مِنْ الطَّعْمِ) لِأَنَّهُ جَعَلَ الْغَيْرَ طَاعِمًا (وَفِي إبَاحَةِ ذَلِكَ) أَيْ التَّمْكِينِ (كَمَا فِي التَّمْلِيكِ) فَيَتَأَدَّى الْوَاجِبُ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، أَمَّا بِالتَّمْكِينِ فَلِمُرَاعَاةِ عَيْنِ النَّصِّ، وَأَمَّا بِالتَّمْلِيكِ فَلِاشْتِمَالِهِ عَلَى الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ إذَا مَلَكَ مِنْهُ فَإِمَّا أَنْ يُطْعِمَهُ أَوْ يَصْرِفَهُ إلَى حَاجَةٍ أُخْرَى فَلِذَلِكَ يُقَامُ التَّمْلِيكُ مَقَامَ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ، أَمَّا الْوَاجِبُ فِي الزَّكَاةِ فَهُوَ الْإِيتَاءُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَآتُوا الزَّكَاةَ﴾ وَفِي صَدَقَةِ الْفِطْرِ الْأَدَاءُ لِقَوْلِهِ «أَدُّوا عَمَّنْ تَمُونُونَ» وَهُمَا لِلتَّمْلِيكِ حَقِيقَةً. وَقَوْلُهُ (وَلَوْ كَانَ فِيمَنْ عَشَّاهُمْ صَبِيٌّ) ظَاهِرٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>