لِأَنَّهُ لَا يَسْتَوْفِي كَامِلًا، وَلَا بُدَّ مِنْ الْإِدَامِ فِي خُبْزِ الشَّعِيرِ لِيُمْكِنَهُ الِاسْتِيفَاءُ إلَى الشِّبَعِ، وَفِي خُبْزِ الْحِنْطَةِ لَا يُشْتَرَطُ الْإِدَامُ.
(وَإِنْ أَطْعَمَ مِسْكِينًا وَاحِدًا سِتِّينَ يَوْمًا أَجْزَأَهُ، وَإِنْ أَعْطَاهُ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ لَمْ يَجْزِهِ إلَّا عَنْ يَوْمِهِ) لِأَنَّ الْمَقْصُودَ سَدُّ خَلَّةِ الْمُحْتَاجِ وَالْحَاجَةُ تَتَجَدَّدُ فِي كُلِّ يَوْمٍ، فَالدَّفْعُ إلَيْهِ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي كَالدَّفْعِ إلَى غَيْرِهِ، وَهَذَا فِي الْإِبَاحَةِ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ. وَأَمَّا التَّمْلِيكُ مِنْ مِسْكِينٍ وَاحِدٍ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ بِدَفَعَاتٍ، فَقَدْ قِيلَ لَا يُجْزِئُهُ، وَقَدْ قِيلَ يُجْزِئُهُ لِأَنَّ الْحَاجَةَ إلَى التَّمْلِيكِ تَتَجَدَّدُ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ،
وَقَوْلُهُ (وَهَذَا) إشَارَةٌ إلَى قَوْلِهِ لَمْ يُجِزْهُ إلَّا عَنْ يَوْمِهِ: يَعْنِي إذَا دَفَعَ لِمِسْكِينٍ وَاحِدٍ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ سِتِّينَ مَرَّةً بِطَرِيقِ الْإِبَاحَةِ فَلَا خِلَافَ لِأَحَدٍ فِي عَدَمِ جَوَازِهِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ بِطَرِيقِ التَّمْلِيكِ فَقَدْ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَجُوزُ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ سَدُّ الْخَلَّةِ. وَلِهَذَا لَا يَجُوزُ الصَّرْفُ إلَى الْغَنِيِّ، وَبَعْدَمَا اسْتَوْفَى وَظِيفَةَ الْيَوْمِ لَا حَاجَةَ لَهُ إلَى سَدِّ الْخَلَّةِ بِصَرْفِ وَظِيفَةٍ أُخْرَى إلَيْهِ، بِخِلَافِ كَفَّارَةٍ أُخْرَى لِأَنَّ الْمُسْتَوْفِيَ فِي حُكْمِ تِلْكَ الْكَفَّارَةِ كَالْمَعْدُومِ، وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَجْعَلَ مِثْلَهُ فِي هَذِهِ الْكَفَّارَةِ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي التَّقْرِيرِ بِأَتَمَّ مِنْ هَذَا (وَقَدْ قِيلَ يَجْزِيهِ لِأَنَّ الْحَاجَةَ إلَى التَّمْلِيكِ كَثِيرَةٌ تَتَجَدَّدُ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ) فَإِذَا فَرَّقَ بِدَفَعَاتٍ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ جَازَ كَمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute