للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثُمَّ يَجْتَذِبُهُ الْجِرْمُ إذَا جَفَّ، فَإِذَا زَالَ زَالَ مَا قَامَ بِهِ (وَفِي الرَّطْبِ لَا يَجُوزُ حَتَّى يَغْسِلَهُ) لِأَنَّ الْمَسْحَ بِالْأَرْضِ يُكْثِرُهُ وَلَا يُطَهِّرُهُ.

وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ إذَا مَسَحَهُ بِالْأَرْضِ حَتَّى لَمْ يَبْقَ أَثَرُ النَّجَاسَةِ يَطْهُرُ لِعُمُومِ الْبَلْوَى، وَإِطْلَاقِ مَا يُرْوَى وَعَلَيْهِ مَشَايِخُنَا (إنْ أَصَابَهُ بَوْلٌ فَيَبِسَ لَمْ يَجُزْ حَتَّى يَغْسِلَهُ) وَكَذَا كُلُّ مَا لَا جِرْمَ لَهُ كَالْخَمْرِ لِأَنَّ الْأَجْزَاءَ تَتَشَرَّبُ فِيهِ وَلَا جَاذِبَ يَجْذِبُهَا.

وَقِيلَ مَا يَتَّصِلُ بِهِ مِنْ الرَّمْلِ وَالرَّمَادِ جِرْمٌ لَهُ وَالثَّوْبُ لَا يُجْزِي فِيهِ إلَّا الْغَسْلُ وَإِنْ يَبِسَ لِأَنَّ الثَّوْبَ لِتَخَلْخُلِهِ يَتَدَاخَلُهُ كَثِيرٌ مِنْ أَجْزَاءِ النَّجَاسَةِ فَلَا يُخْرِجُهَا إلَّا الْغَسْلُ.

وَالْمَنِيُّ نَجِسٌ يَجِبُ غَسْلُهُ إنْ كَانَ رَطْبًا (فَإِذَا جَفَّ عَلَى الثَّوْبِ أَجْزَأَ فِيهِ الْفَرْكُ) لِقَوْلِهِ لِعَائِشَةَ «فَاغْسِلِيهِ إنْ كَانَ رَطْبًا وَافْرُكِيهِ إنْ

اسْتِدْلَالٌ بِالْمَعْقُولِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ لَهَا جَفَافٌ لَا يَطْهُرُ حَتَّى يَغْسِلَهُ لِمَا ذُكِرَ فِي الْكِتَابِ وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ (وَرُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ قَالَ: إذَا مَشَى عَلَى الرَّوْثِ ثُمَّ مَسَحَ خُفَّهُ عَلَى الْأَرْضِ حَتَّى لَمْ يَبْقَ فِيهِ أَثَرُ النَّجَاسَةِ وَلَا رَائِحَتُهَا يَطْهُرُ لِعُمُومِ الْبَلْوَى وَإِطْلَاقِ مَا يُرْوَى) يَعْنِي قَوْلَهُ فَلْيَمْسَحْهُمَا بِالْأَرْضِ الْحَدِيثَ، فَإِنَّهُ لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ الرَّطْبِ وَالْيَابِسِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ مَشَايِخِنَا.

قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ: وَهُوَ صَحِيحٌ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى لِلضَّرُورَةِ. فَإِنْ قِيلَ: الْحَدِيثُ كَمَا لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ الرَّطْبِ وَالْيَابِسِ لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ مَا لَهُ جِرْمٌ وَمَا لَيْسَ لَهُ جِرْمٌ فَكَانَ الْوَاجِبُ أَنْ يَسْتَوِيَا فِي الْحُكْمِ، أُجِيبَ بِأَنَّهُ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا وَأَخْرَجَ الَّتِي لَا جِرْمَ لَهَا بِالتَّعْلِيلِ وَهُوَ «قَوْلُهُ: فَإِنَّ الْأَرْضَ لَهُمَا طَهُورٌ» أَيْ مُزِيلٌ نَجَاسَتَهُمَا، وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ الْخُفَّ إذَا تَشَرَّبَ الْبَوْلَ أَوْ الْخَمْرَ لَا يُزِيلُهُ الْمَسْحُ وَلَا يُخْرِجُهُ عَنْ أَجْزَاءِ الْجِلْدِ فَكَانَ إطْلَاقُهُ مَصْرُوفًا إلَى الْقَدْرِ الَّذِي يَقْبَلُ الْإِزَالَةَ بِالْمَسْحِ وَهُوَ مَا لَهُ جِرْمٌ. وَالثَّانِي: أَعْنِي الَّذِي لَا جِرْمَ لَهُ لَا يَطْهُرُ إلَّا بِالْغَسْلِ؛ لِأَنَّ الْأَجْزَاءَ تَتَشَرَّبُ مَا فِيهِ وَلَا جَاذِبَ يَجْذِبُهَا. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ مَا يَتَّصِلُ بِهِ مِنْ الرَّمْلِ وَالرَّمَادِ جِرْمٌ لَهُ، فَإِذَا جَفَّ فَدَلَكَهُ بِالْأَرْضِ طَهُرَ كَاَلَّتِي لَهَا جِرْمٌ، وَإِذَا أَصَابَتْ الثَّوْبَ لَا يَطْهُرُ إلَّا بِالْغَسْلِ؛ لِأَنَّ الثَّوْبَ لِتَخَلْخُلِهِ: أَيْ لِكَوْنِهِ غَيْرَ مُكْتَنِزٍ يَتَدَاخَلُهُ كَثِيرٌ مِنْ أَجْزَاءِ النَّجَاسَةِ فَلَا يُخْرِجُهَا إلَّا الْغَسْلُ.

وَأَمَّا الْمَنِيُّ إذَا أَصَابَ الثَّوْبَ، فَإِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>