كَانَ يَابِسًا» وَقَالَ الشَّافِعِيُّ ﵀: الْمَنِيُّ طَاهِرٌ، وَالْحُجَّةُ عَلَيْهِ مَا رَوَيْنَاهُ.
وَقَالَ ﵊ «إنَّمَا
كَانَ رَطْبًا فَهُوَ نَجِسٌ وَيَجِبُ غَسْلُهُ، وَإِنْ جَفَّ عَلَى الثَّوْبِ أَجْزَأَ فِيهِ الْفَرْكُ اسْتِحْسَانًا، وَالْقِيَاسُ أَلَّا يَطْهُرَ بِالْفَرْكِ؛ لِأَنَّهُ دَمٌ إلَّا أَنَّهُ نُضْجٌ ثَخِينٌ فَهُوَ كَسَائِرِ أَنْوَاعِ الدَّمِ لَا يَطْهُرُ إلَّا بِالْغَسْلِ. وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ قَوْلُهُ: ﷺ لِعَائِشَةَ «فَاغْسِلِيهِ إنْ كَانَ رَطْبًا وَافْرُكِيهِ إنْ كَانَ يَابِسًا» وَهُوَ حُجَّةٌ عَلَى الشَّافِعِيِّ فِي جَعْلِهِ طَاهِرًا مُسْتَدِلًّا بِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ «الْمَنِيُّ كَالْمُخَاطِ فَأَمِطْهُ عَنْك وَلَوْ بِإِذْخِرَةٍ» فَإِنْ قِيلَ إذَا اسْتَدَلَّ الشَّافِعِيُّ بِحَدِيثٍ وَنَحْنُ بِحَدِيثٍ فَمَا وَجْهُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَالْحُجَّةُ عَلَيْهِ مَا رَوَيْنَاهُ؟. فَالْجَوَابُ أَنَّ وَجْهَ ذَلِكَ أَنَّ حَدِيثَهُ لَا يَدُلُّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ كَالْمُخَاطِ لَا يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ طَاهِرًا لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ التَّشْبِيهُ فِي اللُّزُوجَةِ وَقِلَّةِ التَّدَاخُلِ وَطَهَارَتِهِ بِالْفَرْكِ، وَالْأَمْرُ بِالْإِمَاطَةِ مَعَ كَوْنِهِ لِلْوُجُوبِ وَيَسْتَدْعِي أَنْ يَكُونَ نَجِسًا؛ لِأَنَّ إزَالَةَ مَا لَيْسَ بِنَجِسٍ لَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ عَلَى أَنَّهُ مَوْقُوفٌ عَلَيْهِ فَلَا يَصِحُّ بِهِ الِاحْتِجَاجُ. وَقَوْلُهُ: (وَقَالَ ﵊) دَلِيلٌ آخَرُ عَلَى نَجَاسَتِهِ، رُوِيَ «أَنَّهُ ﷺ مَرَّ بِعَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ وَهُوَ يَغْسِلُ ثَوْبَهُ مِنْ النُّخَامَةِ فَقَالَ: ﵊: مَا نُخَامَتُك وَدُمُوعُ عَيْنَيْك وَالْمَاءُ الَّذِي فِي رَكْوَتِك إلَّا سَوَاءٌ، وَإِنَّمَا يُغْسَلُ الثَّوْبُ مِنْ خَمْسٍ: مِنْ الْبَوْلِ، وَالْغَائِطِ، وَالدَّمِ، وَالْمَنِيِّ، وَالْقَيْءِ» وَفِي رِوَايَةِ الْأَسْرَارِ: الْخَمْرُ مَكَانَ الْقَيْءِ. لَا يُقَالُ: الِاسْتِدْلَال بِهِ يَقْتَضِي غَسْلَهُ رَطْبًا وَيَابِسًا وَلَسْتُمْ قَائِلِينَ بِهِ فَكَانَ مَتْرُوكًا؛ لِأَنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute