للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَهَذَا اخْتِيَارُ الْخَصَّافِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، وَتَفْسِيرُهُ أَنَّهُمَا إذَا كَانَا مُوسِرَيْنِ تَجِبُ نَفَقَةُ الْيَسَارِ، وَإِنْ كَانَا مُعْسِرَيْنِ فَنَفَقَةُ الْإِعْسَارِ، وَإِنْ كَانَتْ مُعْسِرَةً وَالزَّوْجُ مُوسِرًا فَنَفَقَتُهَا دُونَ نَفَقَةِ الْمُوسِرَاتِ وَفَوْقَ نَفَقَةِ الْمُعْسِرَاتِ. وَقَالَ الْكَرْخِيُّ: يُعْتَبَرُ حَالُ الزَّوْجِ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ﴾ وَجْهُ الْأَوَّلِ قَوْلُهُ لِهِنْدَ امْرَأَةِ أَبِي سُفْيَانَ «خُذِي مِنْ مَالِ زَوْجِكِ مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بِالْمَعْرُوفِ» اعْتَبَرَ حَالَهَا

قَالَ الْمُصَنِّفُ (وَهَذَا) أَيْ اعْتِبَارُ حَالِهِمَا فِي ذَلِكَ (اخْتِيَارُ الْخَصَّافِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، وَتَفْسِيرُهُ) أَيْ تَفْسِيرُ قَوْلِ الْخَصَّافِ وَهُوَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ: قِسْمَةٍ عَقْلِيَّةٍ، إمَّا أَنْ يَكُونَا مُوسِرَيْنِ أَوْ مُعْسِرَيْنِ، أَوْ الزَّوْجُ مُوسِرًا وَالزَّوْجَةُ مُعْسِرَةً، أَوْ بِالْعَكْسِ مِنْ ذَلِكَ. فَفِي الْأَوَّلِ تَجِبُ نَفَقَةُ الْيَسَارِ، وَفِي الثَّانِي نَفَقَةُ الْإِعْسَارِ، وَفِي الثَّالِثِ نَفَقَتُهَا دُونَ نَفَقَةِ الْمُوسِرَاتِ وَفَوْقَ نَفَقَةِ الْمُعْسِرَاتِ إذَا كَانَ الزَّوْجُ يَأْكُلُ الْحَلْوَى وَالْحَمَلَ الْمَشْوِيَّ وَالْبَاجَّاتِ، وَالْمَرْأَةُ كَانَتْ تَأْكُلُ فِي بَيْتِهَا خُبْزَ الشَّعِيرِ لَا يُؤْمَرُ الزَّوْجُ بِأَنْ يُطْعِمَهَا مَا يَأْكُلُ بِنَفْسِهِ وَلَا مَا كَانَتْ الْمَرْأَةُ تَأْكُلُ فِي بَيْتِهَا وَلَكِنْ يُطْعِمُهَا فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ، يُطْعِمُهَا خُبْزَ الْبُرِّ وَبَاجَّةً أَوْ بَاجَّتَيْنِ. وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ الْقِسْمَ الرَّابِعَ لِأَنَّهُ يُعْلَمُ مِنْ الْقِسْمِ الثَّالِثِ، فَإِنَّ الْخَصَّافَ ذَكَرَ فِي كِتَابِهِ: يَفْرِضُ لَهَا نَفَقَةً صَالِحَةً يَعْنِي وَسَطًا، فَيُقَالُ لَهُ: تُكَلَّفُ أَنْ تُطْعِمَهَا خُبْزَ الْبُرِّ وَبَاجَّةً أَوْ بَاجَّتَيْنِ كَيْ لَا يَلْحَقَهَا الضَّرَرُ، وَلَمْ يَزِدْ عَلَى مَا فُهِمَ مِنْ الْقِسْمِ الثَّالِثِ مِنْ تَوْسِيطِ الْحَالِ.

وَقَالَ: وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ يَقُولُ لَمَّا زَوَّجَتْ نَفْسَهَا مِنْ مُعْسِرٍ فَقَدْ رَضِيَتْ بِنَفَقَةِ الْمُعْسِرَيْنِ فَلَا تَسْتَوْجِبُ عَلَى الزَّوْجِ إلَّا بِحَسَبِ حَالِهِ (وَقَالَ الْكَرْخِيُّ: يُعْتَبَرُ حَالُ الزَّوْجِ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ) وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ عَنْ أَصْحَابِنَا، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى ﴿لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ﴾ ﴿وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ﴾ اعْتَبَرَ حَالَ الرَّجُلِ فِي الْحَالَتَيْنِ جَمِيعًا وَأَمَرَهُ بِالْإِنْفَاقِ فَلَا مَصِيرَ إلَى غَيْرِهِ. وَجْهُ الْأَوَّلِ يَعْنِي قَوْلَ الْخَصَّافِ فِي اعْتِبَارِ حَالِهِمَا (وَقَوْلُهُ لِهِنْدٍ امْرَأَةِ أَبِي سُفْيَانَ) رَوَى

<<  <  ج: ص:  >  >>