للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لِأَنَّ مَا وَجَبَ كِفَايَةً لَا يَتَقَدَّرُ شَرْعًا فِي نَفْسِهِ.

(وَإِنْ امْتَنَعَتْ مِنْ تَسْلِيمِ نَفْسِهَا حَتَّى يُعْطِيَهَا مَهْرَهَا فَلَهَا النَّفَقَةُ) لِأَنَّهُ مَنْعٌ بِحَقٍّ فَكَانَ فَوْتُ الِاحْتِبَاسِ لِمَعْنًى مِنْ قِبَلِهِ فَيُجْعَلُ كَلَا فَائِتٍ.

(وَإِنْ نَشَزَتْ فَلَا نَفَقَةَ لَهَا حَتَّى تَعُودَ إلَى مَنْزِلِهِ) لِأَنَّ

لِأَنَّ مَا وَجَبَ كِفَايَةً. لَا يَتَقَدَّرُ فِي نَفْسِهِ شَرْعًا) لِأَنَّهُ مِمَّا يَخْتَلِفُ فِيهَا أَحْوَالُ النَّاسِ بِحَسَبِ الشَّبَابِ وَالْهَرَمِ وَبِحَسَبِ الْأَوْقَاتِ وَالْأَمَاكِنِ، فَفِي التَّقْدِيرِ قَدْ يَكُونُ إضْرَارًا.

قَالَ (وَإِنْ امْتَنَعَتْ مِنْ تَسْلِيمِ نَفْسِهَا) إنْ امْتَنَعَتْ الْمَرْأَةُ عَنْ تَسْلِيمِ نَفْسِهَا قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ، فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ الِامْتِنَاعُ بِحَقٍّ مِثْلَ أَنْ تَطْلُبَ الْمَهْرَ الْمُعَجَّلَ أَوْ لَا، فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ فَلَهَا النَّفَقَةُ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ حَقٌّ مِنْ حُقُوقِهَا، فَمُطَالَبَةُ أَحَدِهِمَا لَا يُسْقِطُ الْآخَرَ، وَإِنْ كَانَ الثَّانِي فَهِيَ نَاشِزَةٌ لِأَنَّ النَّاشِزَةَ هِيَ الْخَارِجَةُ مِنْ مَنْزِلِ الزَّوْجِ الْمَانِعَةُ مِنْهُ نَفْسَهَا وَهَذِهِ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا قِيلَ لِلْخَارِجَةِ مِنْ مَنْزِلِ الزَّوْجِ لِأَنَّهَا إذَا كَانَتْ سَاكِنَةً مَعَهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّ الزَّوْجَ يَقْدِرُ عَلَى تَحْصِيلِ الْمَقْصُودِ مِنْهَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا فَلَا تَبْطُلُ النَّفَقَةُ، فَإِنْ كَانَ الْمَنْزِلُ مِلْكًا لَهَا وَهُوَ يَسْكُنُ مَعَهَا فِيهِ فَمَنَعَتْهُ مِنْ الدُّخُولِ عَلَيْهَا فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْخُرُوجِ مِنْ بَيْتِهِ.

وَإِذَا كَانَتْ نَاشِزَةً فَلَا نَفَقَةَ لَهَا حَتَّى تَعُودَ إلَى مَنْزِلِهِ لِأَنَّ فَوْتَ الِاحْتِبَاسِ مِنْهَا، وَإِذَا عَادَتْ جَاءَ الِاحْتِبَاسُ فَتَجِبُ النَّفَقَةُ. فَإِنْ قِيلَ: الدَّلَائِلُ الدَّالَّةُ عَلَى وُجُوبِ النَّفَقَةِ لَا تَفْصِلُ بَيْنَ النَّاشِزَةِ وَغَيْرِهَا فَمَا وَجْهُ حِرْمَانِهَا عَنْهَا؟ فَالْجَوَابُ أَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّهَا لَمْ تَفْصِلْ لِأَنَّهُ تَعَالَى قَالَ ﴿وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ﴾ وَذَلِكَ قَدْ يُشِيرُ إلَى تَسْلِيمِ النَّفْسِ لِأَنَّ الْوِلَادَةَ بِدُونِهِ لَا تُتَصَوَّرُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>