وَالْفَتْوَى عَلَى الْأَوَّلِ، لَكِنَّ النِّصَابَ نِصَابُ حِرْمَانِ الصَّدَقَةِ.
(وَإِذَا كَانَ لِلِابْنِ الْغَائِبِ مَالٌ قُضِيَ فِيهِ بِنَفَقَةِ أَبَوَيْهِ) وَقَدْ بَيَّنَّا الْوَجْهَ فِيهِ (وَإِذَا بَاعَ أَبُوهُ مَتَاعَهُ فِي نَفَقَتِهِ جَازَ) عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ، وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ (وَإِنْ بَاعَ الْعَقَارَ لَمْ يَجُزْ) وَفِي قَوْلِهِمَا لَا يَجُوزُ ذَلِكَ كُلُّهُ وَهُوَ الْقِيَاسُ، لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لَهُ لِانْقِطَاعِهَا بِالْبُلُوغِ، وَلِهَذَا لَا يَمْلِكُ فِي حَالِ حَضْرَتِهِ وَلَا يَمْلِكُ الْبَيْعَ فِي دَيْنٍ لَهُ سِوَى النَّفَقَةِ،
وَقَوْلُهُ (وَالْفَتْوَى عَلَى الْأَوَّلِ) يَعْنِي أَنَّ الْيَسَارَ مُقَدَّرٌ بِالنِّصَابِ، لَكِنَّ النِّصَابَ نِصَابُ حِرْمَانِ الصَّدَقَةِ وَهُوَ مِائَتَا دِرْهَمٍ إذَا كَانَ فَاضِلًا عَنْ حَوَائِجِهِ الْأَصْلِيَّةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ؛ لِأَنَّ النَّفَقَةَ أَشْبَهُ بِصَدَقَةِ الْفِطْرِ لِكَوْنِهَا مَئُونَةً مِنْ وَجْهٍ، صَدَقَةً مِنْ وَجْهٍ، وَالنَّفَقَةُ مَئُونَةٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، فَلَمَّا لَمْ يُشْتَرَطْ لِوُجُوبِ صَدَقَةِ الْفِطْرِ الْغِنَى الْمُوجِبُ لِلزَّكَاةِ فَلَأَنْ لَا يُشْتَرَطَ هَاهُنَا وَهِيَ مَئُونَةٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ أَوْلَى. وَنَقَلَ فِي خُلَاصَةِ الْفَتَاوَى عَنْ الْأَجْنَاسِ قَالَ فِي نَوَادِرِ أَبِي يُوسُفَ: يُشْتَرَطُ نِصَابُ الزَّكَاةِ. ثُمَّ قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ: هَكَذَا قَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ فِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى إنْ انْتَقَصَ مِنْهُ دِرْهَمٌ لَا يَجِبُ.
(وَإِنْ كَانَ لِلِابْنِ الْغَائِبِ مَالٌ قَضَى فِيهِ بِنَفَقَةِ أَبَوَيْهِ) وَقَوْلُهُ (وَقَدْ بَيَّنَّا الْوَجْهَ فِيهِ) يُرِيدُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ: وَلَا يَقْضِي بِنَفَقَةٍ فِي مَالِ غَائِبٍ إلَّا لِهَؤُلَاءِ، إلَى قَوْلِهِ: وَلِهَذَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَأْخُذُوا فَكَانَ قَضَاءُ الْقَاضِي إعَانَةً لَهُمْ.
وَقَوْلُهُ (وَإِذَا بَاعَ أَبُوهُ مَتَاعَهُ) ظَاهِرٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute