للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَأَمْكَنَ تَأْخِيرُ السَّبَبِيَّةِ إلَى زَمَانِ الشَّرْطِ؛ لِقِيَامِ الْأَهْلِيَّةِ عِنْدَهُ فَافْتَرَقَا؛ وَلِأَنَّهُ وَصِيَّةُ خِلَافَةٍ فِي الْحَالِ كَالْوِرَاثَةِ وَإِبْطَالُ السَّبَبِ لَا يَجُوزُ، وَفِي الْبَيْعِ وَمَا يُضَاهِيهِ ذَلِكَ.

قَالَ: (وَلِلْمَوْلَى أَنْ يَسْتَخْدِمَهُ وَيُؤَاجِرَهُ وَإِنْ

قُلْت: لَيْسَ بِيَمِينٍ لِتَعَلُّقِ عِتْقِهِ بِأَمْرٍ كَائِنٍ، وَاسْتِقَامَةُ إطْلَاقِ سَائِرِ التَّعْلِيقَاتِ بِطَرِيقِ الْمُشَاكَلَةِ إنْ لَمْ يَكُنْ الْيَمِينُ أَخَصَّ مِنْ التَّعْلِيقِ. وَيَرِدُ عَلَيْهِ أَنْتِ طَالِقٌ إذَا جَاءَ غَدٌ فَإِنَّهُ تَعْلِيقٌ بِأَمْرٍ كَائِنٍ وَلَيْسَ بِسَبَبٍ فِي الْحَالِ. وَالْجَوَابُ أَنَّهُ إضَافَةٌ لَا تَعْلِيقٌ. وَقَوْلُهُ (وَأَمْكَنَ تَأْخِيرُ السَّبَبِيَّةِ إلَى زَمَانِ الشَّرْطِ) لِقِيَامِ الْأَهْلِيَّةِ فَرْقٌ آخَرُ بَيْنَ التَّدْبِيرِ وَسَائِرِ التَّعْلِيقَاتِ.

وَوَجْهُهُ أَنَّ التَّدْبِيرَ لَا يُمْكِنُ فِيهِ تَأْخِيرُ السَّبَبِيَّةِ إلَى مَا بَعْدَ الْمَوْتِ لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ انْتِفَاءِ أَهْلِيَّةِ الْإِيجَابِ حِينَئِذٍ. وَأَمَّا سَائِرُ التَّعْلِيقَاتِ فَتَأْخِيرُ السَّبَبِيَّةِ فِيهِ إلَى زَمَانِ الشَّرْطِ مُمْكِنٌ لِقِيَامِ الْأَهْلِيَّةِ عِنْدَهُ فَافْتَرَقَا. وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ قِيَامَ الْأَهْلِيَّةِ لَيْسَ بِشَرْطٍ عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ كَمَنْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا وَهُوَ صَحِيحٌ ثُمَّ جُنَّ عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ كَمَا تَقَدَّمَ. وَالْجَوَابُ أَنَّ قِيَامَ أَهْلِيَّتِهِ لَيْسَ بِشَرْطٍ عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ إذَا لَمْ يَكُنْ التَّعْلِيقُ ابْتِدَاءً بِحَالِ بُطْلَانِ الْأَهْلِيَّةِ كَمَا ذَكَرْتُمْ فِي صُورَةِ الْمَجْنُونِ. وَأَمَّا إذَا كَانَ فَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْأَهْلِيَّةَ إذْ ذَاكَ غَيْرُ شَرْطٍ.

وَقَوْلُهُ (وَلِأَنَّهُ وَصِيَّةٌ وَالْوَصِيَّةُ خِلَافَةٌ فِي الْحَالِ) فَرْقٌ آخَرُ بَيْنَهُمَا.

وَتَقْرِيرُهُ: التَّدْبِيرُ الْمُطْلَقُ وَصِيَّةٌ، وَالْوَصِيَّةُ سَبَبُ الْخِلَافَةِ فِي الْحَالِ لِأَنَّ الْمُوصِيَ يَجْعَلُ الْمُوصَى لَهُ خَلَفًا فِي بَعْضِ مَالِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ كَالْوِرَاثَةِ فَإِنَّهَا سَبَبُ خِلَافَةٍ فِي الْحَالِ. وَاعْتُرِضَ بِأَنَّهُ لَوْ كَانَ وَصِيَّةً لَبَطَلَ إذَا قَتَلَ الْمُدَبَّرُ سَيِّدَهُ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ لِلْقَاتِلِ لَا تَجُوزُ وَإِنْ كَانَ الْجُرْحُ قَبْلَهَا أَوْ بَعْدَهَا، وَلَجَازَ الْبَيْعُ لِأَنَّ الْمُوصِيَ يَجُوزُ لَهُ بَيْعُ الْمُوصَى بِهِ وَيَكُونُ رُجُوعًا عَنْ الْوَصِيَّةِ وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ. وَالْجَوَابُ عَنْهُمَا جَمِيعًا أَنَّ ذَلِكَ فِي وَصِيَّةٍ لَمْ تَكُنْ عَلَى وَجْهِ التَّعْلِيقِ لِأَنَّهَا الْوَصِيَّةُ الْمُطْلَقَةُ وَالتَّدْبِيرُ لَيْسَ كَذَلِكَ.

وَوَجْهُ اخْتِصَاصِ ذَلِكَ أَنَّ بُطْلَانَ الْوَصِيَّةِ بِالْقَتْلِ وَجَوَازَ الْبَيْعِ وَكَوْنَهُ رُجُوعًا إنَّمَا يَصِحُّ فِي مُوصًى بِهِ يَقْبَلُ الْفَسْخَ وَالْبُطْلَانَ وَالتَّدْبِيرَ لِكَوْنِهِ إعْتَاقًا لَا يَقْبَلُ ذَلِكَ. وَقَوْلُهُ (وَإِبْطَالُ السَّبَبِ لَا يَجُوزُ) تَتِمَّةُ الدَّلِيلِ مُتَّصِلٌ بِقَوْلِهِ وَلِأَنَّهُ سَبَبُ الْحُرِّيَّةُ وَمَا بَيْنَهُمَا لِإِثْبَاتِ هَذِهِ الْقَضِيَّةِ وَتَرْكِيبِ الْمُقَدِّمَتَيْنِ، هَكَذَا التَّدْبِيرُ سَبَبُ الْحُرِّيَّةِ، وَسَبَبُ الْحُرِّيَّةِ لَا يَجُوزُ إبْطَالُهُ، وَفِي الْبَيْعِ وَمَا يُشَابِهُهُ مِنْ الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالْإِمْهَارِ ذَلِكَ أَيْ إبْطَالُ سَبَبِ الْحُرِّيَّةِ فَلَا يَجُوزُ.

قَالَ (وَلِلْمَوْلَى أَنْ يَسْتَخْدِمَهُ وَيُؤَاجِرَهُ) التَّدْبِيرُ لَا يُثْبِتُ الْحُرِّيَّةَ فِي الْحَالِ وَإِنَّمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>