وَيَمِينٌ مُنْعَقِدَةٌ، وَيَمِينُ لَغْوٍ. (فَالْغَمُوسُ هُوَ الْحَلِفُ عَلَى أَمْرٍ مَاضٍ يَتَعَمَّدُ الْكَذِبَ فِيهِ، فَهَذِهِ الْيَمِينُ يَأْثَمُ فِيهَا صَاحِبُهَا) لِقَوْلِهِ ﷺ «مَنْ حَلَفَ كَاذِبًا أَدْخَلَهُ اللَّهُ النَّارَ» (وَلَا كَفَّارَةَ فِيهَا إلَّا التَّوْبَةَ وَالِاسْتِغْفَارَ) وَقَالَ الشَّافِعِيُّ رَحْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِ: فِيهَا الْكَفَّارَةُ لِأَنَّهَا شُرِعَتْ لِرَفْعِ ذَنْبٍ هَتَكَ حُرْمَةَ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى، وَقَدْ تَحَقَّقَ بِالِاسْتِشْهَادِ بِاَللَّهِ كَاذِبًا فَأَشْبَهَ الْمَعْقُودَةَ. وَلَنَا أَنَّهَا كَبِيرَةٌ مَحْضَةٌ،
يَكُونَ فِيهَا مُؤَاخَذَةٌ أَوْ لَا؛ فَإِنْ كَانَتْ فَإِمَّا أَنْ تَكُونَ دُنْيَوِيَّةً فَهِيَ الْمُنْعَقِدَةُ، أَوْ أُخْرَوِيَّةً فَهِيَ الْغَمُوسُ؛ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ فَهِيَ اللَّغْوُ (فَالْغَمُوسُ هِيَ الْحَلِفُ عَلَى أَمْرٍ مَاضٍ يَتَعَمَّدُ الْكَذِبَ فِيهِ) وَذِكْرُ الْمُضِيِّ لَيْسَ بِشَرْطٍ بَلْ هُوَ بِنَاءٌ عَلَى الْغَالِبِ؛ أَلَا تَرَى أَنَّهُ إذَا قَالَ وَاَللَّهِ إنَّهُ لَزَيْدٌ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَيْسَ بِزَيْدٍ كَانَ غَمُوسًا (فَهَذِهِ الْيَمِينُ يَأْثَمُ فِيهَا صَاحِبُهَا لِقَوْلِهِ ﷺ «مَنْ حَلَفَ كَاذِبًا أَدْخَلَهُ اللَّهُ النَّارَ») وَلَوْلَا الْإِثْمُ لَمَا كَانَ كَذَلِكَ، وَاسْمُهُ يَدُلُّ عَلَى مَعْنَاهُ لِأَنَّهُ مَا سُمِّيَ غَمُوسًا إلَّا لِأَنَّهَا تَغْمِسُ صَاحِبَهَا فِي الْإِثْمِ ثُمَّ فِي النَّارِ.
وَقَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ: الْيَمِينُ الْغَمُوسُ لَيْسَتْ بِيَمِينٍ عَلَى الْحَقِيقَةِ، لِأَنَّ الْيَمِينَ عَقْدٌ مَشْرُوعٌ وَهَذِهِ كَبِيرَةٌ مَحْضَةٌ، وَالْكَبِيرَةُ ضِدُّ الْمَشْرُوعِ، وَلَكِنْ سَمَّاهُ يَمِينًا مَجَازًا لِأَنَّ ارْتِكَابَ هَذِهِ الْكَبِيرَةِ بِاسْتِعْمَالِ صُورَةِ الْيَمِينِ كَمَا سَمَّى النَّبِيُّ ﷺ بَيْعَ الْحُرِّ بَيْعًا مَجَازًا لِأَنَّ ارْتِكَابَ تِلْكَ الْكَبِيرَةِ بِاسْتِعْمَالِ صُورَةِ الْبَيْعِ وَالتَّعْرِيفُ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ لَمْ يَتَنَاوَلْهُ (وَلَا كَفَّارَةَ فِيهَا، لَكِنْ فِيهَا التَّوْبَةُ وَالِاسْتِغْفَارُ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: فِيهَا الْكَفَّارَةُ لِأَنَّ الْكَفَّارَةَ شُرِعَتْ لِرَفْعِ ذَنْبِ هَتْكِ حُرْمَةِ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى وَقَدْ تَحَقَّقَ) ذَلِكَ الذَّنْبُ (بِالِاسْتِشْهَادِ بِاَللَّهِ كَاذِبًا) فَلَا بُدَّ مِنْ رَفْعِهِ وَذَلِكَ بِالْكَفَّارَةِ كَمَا فِي الْمَعْقُودَةِ (وَلَنَا أَنَّهَا) أَيْ الْيَمِينَ الْغَمُوسَ (كَبِيرَةٌ مَحْضَةٌ) لِقَوْلِهِ ﵊ " خَمْسٌ مِنْ الْكَبَائِرِ لَا كَفَّارَةَ فِيهِنَّ وَذَكَرَ مِنْهَا الْغَمُوسَ، وَكُلُّ مَا هُوَ كَبِيرَةٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute