(وَإِنْ دَخَلَ صُفَّةً حَنِثَ) لِأَنَّهَا تُبْنَى لِلْبَيْتُوتَةِ فِيهَا فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ فَصَارَ كَالشَّتْوِيِّ وَالصَّيْفِيِّ. وَقِيلَ هَذَا إذَا كَانَتْ الصُّفَّةُ ذَاتَ حَوَائِطَ أَرْبَعَةٍ، وَهَكَذَا كَانَتْ صِفَافُهُمْ. وَقِيلَ الْجَوَابُ مُجْرًى عَلَى إطْلَاقِهِ وَهُوَ الصَّحِيحُ.
(وَمَنْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارًا فَدَخَلَ دَارًا خَرِبَةً لَمْ يَحْنَثْ، وَلَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ هَذِهِ الدَّارَ فَدَخَلَهَا بَعْدَ مَا انْهَدَمَتْ وَصَارَتْ صَحْرَاءَ حَنِثَ) لِأَنَّ الدَّارَ اسْمٌ لِلْعَرْصَةِ عِنْدَ الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ، يَقُولُ دَارٌ عَامِرَةٌ، وَقَدْ شَهِدَتْ أَشْعَارُ الْعَرَبِ بِذَلِكَ
قَوْلُهُ وَإِنْ دَخَلَ صُفَّةً حَنِثَ لِأَنَّهَا تُبْنَى لِلْبَيْتُوتَةِ فِيهَا فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ فَصَارَ كَالشَّتْوِيِّ وَالصَّيْفِيِّ) الَّذِي يُبْنَى لِلْبَيْتُوتَةِ فِيهِ شِتَاءً أَوْ صَيْفًا، وَقِيلَ هَذَا إذَا كَانَتْ الصُّفَّةُ ذَاتَ حَوَائِطَ أَرْبَعَةٍ (وَهَكَذَا كَانَتْ صِفَافُهُمْ) أَيْ صِفَافُ أَهْلِ الْكُوفَةِ. ذُكِرَ عَنْ أَبِي حَازِمٍ الْقَاضِي أَنَّ هَذِهِ أَشْكَلَتْ عَلَيَّ حَتَّى دَخَلْت الْكُوفَةَ، فَرَأَيْت صِفَافَهُمْ مُبَوَّبَةً فَعَلِمْت أَنَّ الْأَيْمَانَ وَضْعُهَا عَلَى تَعَارُفِهِمْ (وَقِيلَ الْجَوَابُ مُجْرًى عَلَى إطْلَاقِهِ) يَعْنِي سَوَاءً كَانَتْ ذَاتَ حَوَائِطَ أَرْبَعَةٍ أَوْ ثَلَاثَةٍ (وَهُوَ الصَّحِيحُ) دُونَ الْحَمْلِ عَلَى عُرْفِهِمْ لِأَنَّ الْبَيْتَ اسْمٌ لِمَبْنًى مُسْقَفٍ مَدْخَلُهُ مِنْ جَانِبٍ وَاحِدٍ بُنِيَ لِلْبَيْتُوتَةِ، وَهَذَا الْمَعْنَى مَوْجُودٌ فِي الصُّفَّةِ، إلَّا أَنَّ مَدْخَلَهَا أَوْسَعُ فَيَتَنَاوَلُهَا اسْمُ الْبَيْتِ فَيَحْنَثُ.
(وَمَنْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارًا فَدَخَلَ دَارًا خَرِبَةً لَمْ يَحْنَثْ، وَلَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ هَذِهِ الدَّارَ فَدَخَلَهَا بَعْدَمَا انْهَدَمَتْ وَصَارَتْ صَحْرَاءَ حَنِثَ) لِأَنَّ الدَّارَ اسْمٌ لِلْعَرْصَةِ عِنْدَ الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ، يُقَالُ دَارٌ عَامِرَةٌ وَدَارٌ غَامِرَةٌ، وَقَدْ شَهِدَتْ أَشْعَارُ الْعَرَبِ بِذَلِكَ فَمِنْهَا مَا قَالَ لَبِيدٌ:
عَفَتْ الدِّيَارُ مَحَلُّهَا فَمُقَامُهَا … بِمِنًى تَأَبَّدَ غُولُهَا فَرِجَامُهَا
عَفَا يَعْفُو مُتَعَدٍّ وَلَازِمٌ وَهُنَا لَازِمٌ، وَتَأَبَّدَ الْمَنْزِلُ: أَيْ أَقْفَرَ فَأَلِفَتْهُ الْوُحُوشُ، وَالْغُولُ وَالرِّجَامُ مَوْضِعَانِ. يَقُولُ: عَفَتْ دِيَارُ الْأَحْبَابِ مَا كَانَ مِنْهَا لِلْحُلُولِ وَمَا كَانَ مِنْهَا لِلْإِقَامَةِ، وَهَذِهِ الدِّيَارُ كَانَتْ بِمِنًى وَقَدْ تَوَحَّشَتْ الدِّيَارُ الْغُولِيَّةُ وَالرِّجَامِيَّةُ.
وَقَالَ قَائِلُهُمْ:
الدَّارُ دَارٌ وَإِنْ زَالَتْ حَوَائِطُهَا … وَالْبَيْتُ لَيْسَ بِبَيْتٍ بَعْدَ تَهْدِيمِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute