رُءُوسِ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ) عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ﵀، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمَا اللَّهُ عَلَى الْغَنَمِ خَاصَّةً، وَهَذَا اخْتِلَافُ عَصْرٍ وَزَمَانٍ كَانَ الْعُرْفُ فِي زَمَنِهِ فِيهِمَا وَفِي زَمَنِهِمَا فِي الْغَنَمِ خَاصَّةً وَفِي زَمَانِنَا يُفْتَى عَلَى حَسَبِ الْعَادَةِ كَمَا هُوَ الْمَذْكُورُ فِي الْمُخْتَصَرِ.
(وَمَنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ فَاكِهَةً فَأَكَلَ عِنَبًا أَوْ رُمَّانًا أَوْ رُطَبًا أَوْ قِثَّاءً أَوْ خِيَارًا لَمْ يَحْنَثْ، وَإِنْ أَكَلَ تُفَّاحًا أَوْ بِطِّيخًا وَمِشْمِشًا حَنِثَ،
إلَى الْمَجَازِ الْمُتَعَارَفِ، وَفَسَّرَهُ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ عَلَى مَا ذُكِرَ فِي الْكِتَابِ. وَاعْتُرِضَ عَلَى هَذَا بِأَنَّ لَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَالْإِنْسَانِ لَا يُبَاعُ فِي الْأَسْوَاقِ وَمَعَ ذَلِكَ يَحْنَثُ بِالْأَكْلِ إذَا حَلَفَ لَا يَأْكُلُ لَحْمًا، وَأُجِيبَ بِمَا حَاصِلُهُ الْفَرْقُ بِأَنَّ الرَّأْسَ غَيْرُ مَأْكُولٍ بِجَمِيعِ أَجْزَائِهِ لِأَنَّ مِنْهَا الْعَظْمَ فَكَانَتْ الْحَقِيقَةُ مُتَعَذِّرَةً فَيُصَارُ إلَى الْمَجَازِ الْمُتَعَارَفِ وَهُوَ مَا يُكْبَسُ فِي التَّنَانِيرِ وَيُبَاعُ فِي الْأَسْوَاقِ، وَأَمَّا اللَّحْمُ فَيُؤْكَلُ بِجَمِيعِ أَجْزَائِهِ فَكَانَتْ الْحَقِيقَةُ مُمْكِنَةً فَلَا تُتْرَكُ فَيَحْنَثُ بِأَكْلِ لَحْمِ الْإِنْسَانِ وَالْخِنْزِيرِ. فَإِنْ قُلْت: الْحَقِيقَةُ إنْ لَمْ تَكُنْ مُتَعَذِّرَةً فَهِيَ مَهْجُورَةٌ شَرْعًا، وَالْمَهْجُورُ شَرْعًا كَالْمَهْجُورِ عَادَةً، وَفِي الْمَهْجُورِ شَرْعًا يُصَارُ إلَى الْمَجَازِ كَمَا فِي الْمَهْجُورِ عَادَةً. قُلْت: الْمَهْجُورُ شَرْعًا هُوَ الَّذِي لَا يَكُونُ شَيْءٌ مِنْ أَفْرَادِهِ مَعْمُولًا بِهِ كَالْحَلِفِ عَلَى تَرْكِ كَلَامِ الصَّبِيِّ وَهُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ. فَإِنْ قِيلَ: سَلَّمْنَا ذَلِكَ لَكِنْ لَا يَطَّرِدُ فِي الشِّرَاءِ فَإِنَّ الرَّأْسَ يُشْتَرَى بِجَمِيعِ أَجْزَائِهِ فَلَمْ تَكُنْ الْحَقِيقَةُ مُتَعَذِّرَةً. وَأُجِيبَ بِأَنَّ مِنْ الرُّءُوسِ مَا لَا يَجُوزُ إضَافَةُ الشِّرَاءِ إلَيْهِ كَرَأْسِ النَّمْلِ وَالذُّبَابِ وَالْآدَمِيِّ فَكَانَتْ مُتَعَذِّرَةً.
وَقَوْلُهُ (وَمَنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ فَاكِهَةً فَأَكَلَ عِنَبًا أَوْ رُمَّانًا أَوْ رُطَبًا أَوْ قِثَّاءً أَوْ خِيَارًا لَمْ يَحْنَثْ، وَإِنْ أَكَلَ تُفَّاحًا أَوْ بِطِّيخًا أَوْ مِشْمِشًا حَنِثَ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute