للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْتَدِمُ فَكُلُّ شَيْءٍ اُصْطُبِغَ بِهِ فَهُوَ إدَامٌ وَالشِّوَاءُ لَيْسَ بِإِدَامٍ وَالْمِلْحُ إدَامٌ، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ. وَقَالَ مُحَمَّدٌ: كُلُّ مَا يُؤْكَلُ مَعَ الْخُبْزِ غَالِبًا فَهُوَ إدَامٌ) وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ لِأَنَّ الْإِدَامَ مِنْ الْمُوَادَمَةِ وَهِيَ الْمُوَافَقَةُ وَكُلُّ مَا يُؤْكَلُ مَعَ الْخُبْزِ مُوَافِقٌ لَهُ كَاللَّحْمِ وَالْبِيضِ وَنَحْوِهِ. وَلَهُمَا أَنَّ الْإِدَامَ مَا يُؤْكَلُ تَبَعًا، وَالتَّبَعِيَّةُ فِي الِاخْتِلَاطِ حَقِيقَةٌ لِيَكُونَ قَائِمًا بِهِ، وَفِي أَنْ يُؤْكَلَ عَلَى الِانْفِرَادِ حُكْمًا، وَتَمَامُ الْمُوَافَقَةِ فِي الِامْتِزَاجِ أَيْضًا، وَالْخَلُّ وَغَيْرُهُ مِنْ الْمَائِعَاتِ لَا يُؤْكَلُ وَحْدَهُ بَلْ يُشْرَبُ، وَالْمِلْحُ لَا يُؤْكَلُ بِانْفِرَادِهِ عَادَةً وَلِأَنَّهُ يَذُوبُ فَيَكُونُ تَبَعًا، بِخِلَافِ اللَّحْمِ وَمَا يُضَاهِيهِ لِأَنَّهُ يُؤْكَلُ وَحْدَهُ إلَّا أَنْ يَنْوِيَهُ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّشْدِيدِ، وَالْعِنَبُ وَالْبِطِّيخُ لَيْسَا بِإِدَامٍ هُوَ الصَّحِيحُ.

قَالَ (وَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْتَدِمُ فَكُلُّ شَيْءٍ اُصْطُبِغَ بِهِ) اصْطَبَغَ عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ كَذَا كَانَ مُقَيَّدًا بِخَطِّ الثِّقَاتِ وَهُوَ اُفْتُعِلَ مِنْ الصَّبْغِ، وَيُقَالُ اُصْطُبِخَ بِالْخَلِّ وَفِي الْخَلِّ وَلَا يُقَالُ اصْطَبَغَ الْخُبْزُ بِالْخَلِّ (وَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْتَدِمُ) أَيْ لَا يَأْكُلُ إدَامًا (فَكُلُّ شَيْءٍ اُصْطُبِغَ بِهِ فَهُوَ إدَامٌ) وَلَا يَنْعَكِسُ فَالْخَلُّ وَالزَّيْتُ وَاللَّبَنُ وَالْمِلْحُ وَالزُّبْدُ إدَامٌ، وَالشِّوَاءُ لَيْسَ بِإِدَامٍ (وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ) فِي رِوَايَةِ الْأَصْلِ (وَقَالَ مُحَمَّدٌ: مَا يُؤْكَلُ مَعَ الْخُبْزِ غَالِبًا فَهُوَ إدَامٌ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ) وَحَاصِلُ ذَلِكَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: مَا يُصْطَبَغُ بِهِ فَهُوَ إدَامٌ بِالِاتِّفَاقِ، وَالْبِطِّيخُ وَالْعِنَبُ وَالتَّمْرُ وَأَمْثَالُهَا مِمَّا يُؤْكَلُ وَحْدَهُ غَالِبًا لَيْسَ بِإِدَامٍ بِالِاتِّفَاقِ. وَفِي الْبَيْضِ وَاللَّحْمِ وَالْجُبْنِ اخْتِلَافٌ، جَعَلَهَا مُحَمَّدٌ إدَامًا خِلَافًا لَهُمَا. لِمُحَمَّدٍ أَنَّ الْإِدَامَ مِنْ الْمُؤَادَمَةِ وَهِيَ الْمُوَافَقَةُ وَكُلُّ مَا يُؤْكَلُ مَعَ الْخُبْزِ مُوَافِقٌ لَهُ كَاللَّحْمِ وَالْبَيْضِ وَنَحْوِهِ. وَلَهُمَا أَنَّ الْإِدَامَ مَا يُؤْكَلُ تَبَعًا فِي الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ. وَالتَّبَعِيَّةُ عَلَى نَوْعَيْنِ: حَقِيقِيَّةٍ وَذَلِكَ فِي الِاخْتِلَاطِ لِتَكُونَ قَائِمَةً بِهِ. وَحُكْمِيَّةٍ وَهِيَ أَنْ لَا تُؤْكَلَ عَلَى الِانْفِرَادِ، وَاللَّحْمُ لَا يَخْتَلِطُ فَلَا يَكُونُ تَبَعًا حَقِيقَةً وَيُؤْكَلُ مُنْفَرِدًا فَلَا يَكُونُ تَبَعًا حُكْمًا فَلَا يَكُونُ إدَامًا.

وَقَوْلُهُ (وَتَمَامُ الْمُوَافَقَةِ بِالِامْتِزَاجِ) جَوَابٌ عَنْ قَوْلِهِ لِأَنَّ الْإِدَامَ مِنْ الْمُؤَادَمَةِ: يَعْنِي سَلَّمْنَاهُ وَلَكِنْ الْمُؤَادَمَةُ التَّامَّةُ الْكَامِلَةُ فِي الِامْتِزَاجِ أَيْضًا وَلَمْ تُوجَدْ فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ إلَّا أَنْ يَنْوِيَهُ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّشْدِيدِ، بِخِلَافِ الْخَلِّ وَغَيْرِهِ مِنْ الْمَائِعَاتِ فَإِنَّهَا لَا تُؤْكَلُ وَحْدَهَا بَلْ تُشْرَبُ وَالْمِلْحُ لَا يُؤْكَلُ وَحْدَهُ وَيَذُوبُ فَيَتْبَعُ فَكَانَ إدَامًا (وَالْعِنَبُ وَالْبِطِّيخُ لَيْسَا بِإِدَامٍ) يَعْنِي بِالِاتِّفَاقِ لِمَا ذَكَرْنَا (هُوَ الصَّحِيحُ) كَذَا ذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ. وَقَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا: إنَّهُ عَلَى هَذَا الِاخْتِلَافِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>