فَوُجِدَ شَرْطُ الْبِرِّ وَقَبْضُ الْمُسْتَحَقَّةِ صَحِيحٌ وَلَا يَرْتَفِعُ بِرَدِّهِ الْبِرَّ الْمُتَحَقِّقَ (وَإِنْ وَجَدَهَا رَصَاصًا أَوْ سَتُّوقَةً حَنِثَ) لِأَنَّهُمَا لَيْسَا مِنْ جِنْسِ الدَّرَاهِمِ حَتَّى لَا يَجُوزَ التَّجَوُّزُ بِهِمَا فِي الصَّرْفِ وَالسَّلَمِ (وَإِنْ بَاعَهُ بِهَا عَبْدًا وَقَبَضَهُ بَرَّ فِي يَمِينِهِ) لِأَنَّ قَضَاءَ الدَّيْنِ طَرِيقُهُ الْمُقَاصَّةُ وَقَدْ تَحَقَّقَتْ بِمُجَرَّدِ الْبَيْعِ فَكَأَنَّهُ شَرَطَ الْقَبْضَ لِيَتَقَرَّرَ بِهِ
وَقَوْلُهُ (فَوُجِدَ شَرْطُ بَرِّهِ) يَعْنِي قَضَاءَ دَيْنِهِ فِي الْيَوْمِ (وَقَبْضُ الْمُسْتَحَقَّةِ صَحِيحٌ) أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى بِهَا شَيْئًا فَأَخَذَهَا الْمُسْتَحَقُّ بَقِيَ الْبَيْعُ صَحِيحًا، وَلَوْ لَمْ يَصِحَّ قَبْضُ الْمُسْتَحَقَّةِ لَبَطَلَ الْبَيْعُ لِكَوْنِهِ بِلَا ثَمَنٍ (وَلَا يَرْتَفِعُ بِرَدِّهِ) أَيْ بِرَدِّ مَا قَضَى مِنْ الزُّيُوفِ أَوْ النَّبَهْرَجَةِ أَوْ الْمُسْتَحَقَّةِ (الْبَرُّ الْمُتَحَقَّقُ) لِأَنَّ الْيَمِينَ لَمَّا انْحَلَّتْ بِوُجُودِ الشَّرْطِ لَمْ يَقْبَلْ الْفَسْخَ وَالِانْتِفَاضَ كَالْكِتَابَةِ، فَإِنَّ مَوْلَى الْمُكَاتَبِ إذَا رَدَّ الْبَدَلَ لِكَوْنِهِ زَيْفًا أَوْ نَبَهْرَجَةً أَوْ اسْتَرَدَّ بِالِاسْتِحْقَاقِ لَا يُنْتَقَضُ الْعِتْقُ، بِخِلَافِ قَضَاءِ الدَّيْنِ فَإِنَّهُ يُنْتَقَضُ بِرَدِّ الْمَقْبُوضِ لِعَيْبٍ أَوْ اسْتِحْقَاقٍ لِأَنَّ مَبْنَاهُ الْمُقَاصَّةُ وَقَدْ زَالَتْ. قَوْلُهُ (وَإِنْ وَجَدَهَا رَصَاصًا) ظَاهِرٌ.
وَقَوْلُهُ (لِأَنَّ قَضَاءَ الدَّيْنِ طَرِيقُهُ الْمُقَاصَّةُ) بَيَانُهُ أَنَّ مَا يَقْبِضُهُ رَبُّ الدَّيْنِ يَصِيرُ مَضْمُونًا عَلَيْهِ لِأَنَّهُ يَقْبِضُهُ لِنَفْسِهِ عَلَى وَجْهِ التَّمْلِيكِ، وَلِرَبِّ الدَّيْنِ عَلَى الْمَدْيُونِ مِثْلُهُ، أَيْ مِثْلُ مَا فِي ذِمَّتِهِ فَيَلْتَقِيَانِ قِصَاصًا (وَقَدْ تَحَقَّقَتْ بِمُجَرَّدِ الْبَيْعِ) لِأَنَّ ثَمَنَ الْعَبْدِ آخِرُ الدَّيْنَيْنِ فَيَكُونُ قَضَاءً عَنْ الْأَوَّلِ، وَإِنَّمَا كَانَ طَرِيقُ قَضَاءِ الدَّيْنِ الْمُقَاصَّةَ لِأَنَّ قَضَاءَ الدَّيْنِ حَقِيقَةً لَا يُتَصَوَّرُ لِأَنَّ الْقَضَاءَ يُصَادِفُ الْعَيْنَ وَحَقُّ صَاحِبِ الدَّيْنِ فِي وَصْفٍ فِي الذِّمَّةِ وَلِهَذَا قَالُوا الدُّيُونُ تُقْضَى بِأَمْثَالِهَا. وَقَوْلُهُ (فَكَأَنَّهُ شَرَطَ الْقَبْضَ) كَأَنَّهُ إشَارَةٌ إلَى الْجَوَابِ عَمَّا يُقَالُ لَوْ تَحَقَّقَتْ الْمُقَاصَّةُ بِمُجَرَّدِ الْبَيْعِ لَمَا قَالَ مُحَمَّدٌ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَيَقْبِضُهُ.
وَوَجْهُهُ أَنَّ اشْتِرَاطَ الْقَبْضِ لِيَكُونَ هَذَا الدَّيْنُ مِثْلَ الدَّيْنِ الَّذِي لِلْمُشْتَرِي عَلَيْهِ لِأَنَّ مَالَهُ مِنْ الدَّيْنِ عَلَيْهِ مُتَقَرِّرٌ وَثَمَنُ الْعَبْدِ غَيْرُ مُتَقَرِّرٍ قَبْلَ الْقَبْضِ لِأَنَّهُ عَلَى شَرَفِ السُّقُوطِ بِمَوْتِهِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute