(وَإِنْ وَهَبَهَا لَهُ) يَعْنِي الدَّيْنَ (لَمْ يَبَرَّ) لِعَدَمِ الْمُقَاصَّةِ لِأَنَّ الْقَضَاءَ فَعَلَهُ، وَالْهِبَةُ إسْقَاطٌ مِنْ صَاحِبِ الدَّيْنِ.
(وَمَنْ حَلَفَ لَا يَقْبِضُ دَيْنَهُ دِرْهَمًا دُونَ دِرْهَمٍ فَقَبَضَ بَعْضَهُ
فَإِذَا قَبَضَهُ صَارَ مُتَقَرِّرًا فَيَكُونُ مِثْلَهُ فَيَتَقَاصَّانِ (وَإِنْ وَهَبَهَا لَهُ) أَيْ إنْ وَهَبَ الدَّائِنُ دَيْنَهُ لِلْمَدْيُونِ (لَمْ يَبَرَّ) الْحَالِفُ (لِعَدَمِ الْمُقَاصَّةِ) لِأَنَّ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ فِعْلُهُ وَهُوَ الْقَضَاءُ (وَالْهِبَةُ) لَيْسَتْ فِعْلَهُ لِأَنَّهَا (إسْقَاطٌ مِنْ صَاحِبِ الدَّيْنِ) وَإِنَّمَا قَالَ لَمْ يَبَرَّ لِأَنَّهُ أَعَمُّ مِنْ الْحِنْثِ، فَكَأَنَّهُ أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى أَنَّهُ لَمْ يَبَرَّ وَلَمْ يَحْنَثْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ لِفَوَاتِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ وَهُوَ الدَّيْنُ، وَفَوَاتُ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ عِنْدَهُمَا جِهَةٌ فِي بُطْلَانِ الْيَمِينِ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الْكُوزِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ.
قَالَ بَعْضُ الشَّارِحِينَ: وَلَنَا فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَلْزَمُ ارْتِفَاعُ النَّقِيضَيْنِ، وَهُوَ فَاسِدٌ بِمَرَّةٍ لِأَنَّ الْبَرَّ نَقِيضُ الْحِنْثِ، فَمِنْ وُجُودِ أَحَدِهِمَا يَلْزَمُ ارْتِفَاعُ الْآخَرِ وَمِنْ ارْتِفَاعِ أَحَدِهِمَا يَلْزَمُ وُجُودُ الْآخَرِ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَرْتَفِعَا جَمِيعًا. وَأَقُولُ: لَيْسَا بِنَقِيضَيْنِ عَلَى اصْطِلَاحِ أَهْلِ الْمَعْقُولِ وَغَيْرُ الْحَالِفِ لَا يَتَّصِفُ بِأَحَدِهِمَا وَشَأْنُ النَّقِيضَيْنِ لَيْسَ كَذَلِكَ، فَإِذَا بَطَلَ الْيَمِينُ بِفَوَاتِ تَصَوُّرِ الْبَرِّ صَارَ كَغَيْرِ الْحَالِفِ مِنْ النَّاسِ فَيَجُوزُ أَنْ لَا يَتَّصِفَ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا.
وَإِذَا تَقَاضَى دَيْنَهُ فَقَالَ أَقْضِيهَا مُنَجَّمًا فَحَلَفَ (لَا يَقْبِضُ دَيْنَهُ دِرْهَمًا دُونَ دِرْهَمٍ فَقَبَضَ بَعْضَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute