للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَالَ: الْحَدُّ لُغَةً: هُوَ الْمَنْعُ، وَمِنْهُ الْحَدَّادُ لِلْبَوَّابِ. وَفِي الشَّرِيعَةِ: هُوَ الْعُقُوبَةُ الْمُقَدَّرَةُ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى حَتَّى لَا يُسَمَّى الْقِصَاصُ حَدًّا لِأَنَّهُ حَقُّ الْعَبْدِ وَلَا التَّعْزِيرُ لِعَدَمِ التَّقْدِيرِ. وَالْمَقْصِدُ الْأَصْلِيُّ مِنْ شَرْعِهِ الِانْزِجَارُ عَمَّا يَتَضَرَّرُ بِهِ الْعِبَادُ، وَالطَّهَارَةُ لَيْسَتْ أَصْلِيَّةً فِيهِ بِدَلِيلِ شَرْعِهِ فِي حَقِّ الْكَافِرِ.

وَقَوْلُهُ (الِانْزِجَارُ عَمَّا يَتَضَرَّرُ بِهِ الْعِبَادُ) يُرِيدُ بِهِ إفْسَادَ الْفُرُشِ وَإِضَاعَةَ الْأَنْسَابِ وَإِتْلَافَ الْأَعْرَاضِ وَالْأَمْوَالِ، وَكَلَامُهُ يُشِيرُ إلَى أَنَّ الْحُدُودَ تَشْتَمِلُ عَلَى مَقْصِدٍ أَصْلِيٍّ يَتَحَقَّقُ بِالنِّسْبَةِ إلَى النَّاسِ كَافَّةً وَهُوَ الِانْزِجَارُ عَمَّا يَتَضَرَّرُ بِهِ الْعِبَادُ. وَغَيْرُ أَصْلِيٍّ وَهُوَ الطَّهَارَةُ عَنْ الذُّنُوبِ وَذَلِكَ يَتَحَقَّقُ بِالنِّسْبَةِ إلَى مَنْ يُجَوِّزُ زَوَالَ الذُّنُوبِ عَنْهُ لَا بِالنِّسْبَةِ إلَى النَّاسِ كَافَّةً، وَلِهَذَا شُرِعَ فِي حَقِّ الْكَافِرِ الذِّمِّيِّ وَلَا يَطْهُرُ عَنْ ذَنْبِهِ بِإِجْرَاءِ الْحَدِّ عَلَيْهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>