للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُحْصَنًا وَكَانَ حُرًّا فَحَدُّهُ مِائَةُ جَلْدَةٍ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ﴾ إلَّا أَنَّهُ انْتَسَخَ فِي حَقِّ الْمُحْصَنِ فَبَقِيَ فِي حَقِّ غَيْرِهِ مَعْمُولًا بِهِ.

وَقَوْلُهُ (إلَّا أَنَّهُ انْتَسَخَ فِي حَقِّ الْمُحْصَنِ) بَيَانُهُ أَنَّ قَوْله تَعَالَى ﴿الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا﴾ الْآيَةَ عَامٌّ فِي الْمُحْصَنِ وَغَيْرِهِ إلَّا أَنَّهُ انْتَسَخَ فِي حَقِّ الْمُحْصَنِ بِآيَةٍ أُخْرَى نَسَخَتْ تِلَاوَتَهَا وَبَقِيَ حُكْمُهَا. رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ خَطَبَ فَقَالَ: إنَّ اللَّهَ بَعَثَ مُحَمَّدًا بِالْحَقِّ وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ الْكِتَابَ، فَكَانَ فِيمَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةُ الرَّجْمِ فَقَرَأْنَاهَا وَوَعَيْنَاهَا، وَرَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَرَجَمْنَا مِنْ بَعْدِهِ، وَإِنِّي خَشِيت إنْ طَالَ بِالنَّاسِ الزَّمَانُ أَنْ يَقُولَ قَائِلٌ مَا نَجِدُ آيَةَ الرَّجْمِ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَيَضِلُّوا بِتَرْكِ فَرِيضَةٍ أَنْزَلَهَا اللَّهُ ﷿، فَالرَّجْمُ حَقٌّ عَلَى مَنْ زَنَى مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ إذَا كَانَ مُحْصَنًا إذَا قَامَتْ الْبَيِّنَةُ أَوْ كَانَ حَمْلٌ أَوْ اعْتِرَافٌ، وَأَيْمُ اللَّهِ لَوْلَا أَنْ يَقُولَ النَّاسُ زَادَ عُمَرُ فِي كِتَابِ اللَّهِ لَكَتَبْتهَا يُرِيدُ بِهِ: الشَّيْخَ وَالشَّيْخَةَ إذَا زَنَيَا فَارْجُمُوهُمَا أَلْبَتَّةَ نَكَالًا مِنْ اللَّهِ وَاَللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ، وَكَانَتْ خُطْبَتُهُ هَذِهِ بِحَضْرَةِ الصَّحَابَةِ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ أَحَدٌ، فَكَأَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَسَخَتْ حُكْمَ عُمُومِ قَوْله تَعَالَى ﴿فَاجْلِدُوا﴾ فِي غَيْرِ الْمُحْصَنِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>