قَالَ (يَأْمُرُ الْإِمَامُ بِضَرْبِهِ بِسَوْطٍ لَا ثَمَرَةَ لَهُ ضَرْبًا مُتَوَسِّطًا) لِأَنَّ عَلِيًّا ﵁ لَمَّا أَرَادَ أَنْ يُقِيمَ الْحَدَّ كَسَرَ ثَمَرَتَهُ.
وَانْتَسَخَتْ تِلَاوَتُهَا بِصَرْفِهَا عَنْ الْقُلُوبِ لِحِكْمَةٍ يَعْلَمُهَا اللَّهُ. وَقَوْلُهُ (بِسَوْطٍ لَا ثَمَرَةَ لَهُ) قَالَ فِي الصِّحَاحِ: ثَمَرُ السِّيَاطِ عُقَدُ أَطْرَافِهَا، وَمِنْهُ يَأْمُرُ الْإِمَامُ بِضَرْبِهِ بِسَوْطٍ لَا ثَمَرَةَ لَهُ: يَعْنِي الْعُقْدَةَ. وَقِيلَ الْمُرَادُ بِالثَّمَرَةِ ذَنَبُهُ وَطَرَفُهُ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ لَهُ ذَلِكَ تَصِيرُ الضَّرْبَةُ ضَرْبَتَيْنِ، وَهَذَا أَصَحُّ. لِمَا رُوِيَ أَنَّ عَلِيًّا ﵁ جَلَدَ الْوَلِيدَ بِسَوْطٍ لَهُ طَرَفَانِ، وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ ذَنَبَانِ أَرْبَعِينَ جَلْدَةً، فَكَانَتْ الضَّرْبَةُ ضَرْبَتَيْنِ.
وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمَشْهُورُ فِي الْكُتُبِ. الْمُبَرِّحُ مَأْخُوذٌ مِنْ بُرَحَاءِ الْحُمَّى وَغَيْرِهَا، يُقَالُ: بَرِحَ بِهِ الْأَمْرُ تَبْرِيحًا: أَيْ غَلُظَ عَلَيْهِ وَاشْتَدَّ. وَالْمَذَاكِيرُ جَمْعُ الذَّكَرِ الَّذِي هُوَ الْعُضْوُ، وَهُوَ جَمْعٌ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ، كَأَنَّهُمْ فَرَّقُوا بِذَلِكَ الْجَمْعِ بَيْنَ الذَّكَرِ الَّذِي هُوَ الْفَحْلُ وَبَيْنَ الذَّكَرِ الَّذِي هُوَ الْعُضْوُ، وَإِنَّمَا ذَكَرَ بِلَفْظِ الْجَمْعِ هَاهُنَا مَعَ إفْرَادِ قَرِينِهِ وَهُوَ الْوَجْهُ لِأَنَّهُ أَرَادَ بِهِ ذَلِكَ الْعُضْوَ الْمُعَيَّنَ وَمَا حَوْلَهُ، كَقَوْلِهِمْ: شَابَتْ مَفَارِقُ رَأْسِهِ كَذَا فِي الصِّحَاحِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute