قَالَ (وَإِذَا زَنَى الصَّبِيُّ أَوْ الْمَجْنُونُ بِامْرَأَةٍ طَاوَعَتْهُ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ وَلَا عَلَيْهَا). وَقَالَ زُفَرُ وَالشَّافِعِيُّ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى: يَجِبُ الْحَدُّ عَلَيْهَا، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ رَحْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِ
(وَإِنْ زَنَى صَحِيحٌ بِمَجْنُونَةٍ أَوْ صَغِيرَةٍ يُجَامَعُ مِثْلُهَا حُدَّ الرَّجُلُ خَاصَّةً) وَهَذَا بِالْإِجْمَاعِ. لَهُمَا أَنَّ الْعُذْرَ مِنْ جَانِبِهَا لَا يُوجِبُ سُقُوطَ الْحَدِّ مِنْ جَانِبِهِ فَكَذَا الْعُذْرُ مِنْ جَانِبِهِ، وَهَذَا لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مُؤَاخَذٌ بِفِعْلِهِ.
وَلَنَا أَنَّ فِعْلَ الزِّنَا يَتَحَقَّقُ مِنْهُ، وَإِنَّمَا هِيَ مَحَلُّ الْفِعْلِ وَلِهَذَا يُسَمَّى هُوَ وَاطِئًا وَزَانِيًا وَالْمَرْأَةُ مَوْطُوءَةً وَمَزْنِيًّا بِهَا، إلَّا أَنَّهَا سُمِّيَتْ زَانِيَةً مَجَازًا تَسْمِيَةً لِلْمَفْعُولِ بِاسْمِ الْفَاعِلِ كَالرَّاضِيَةِ فِي مَعْنَى
قَالَ (وَإِذَا زَنَى الصَّبِيُّ أَوْ الْمَجْنُونُ) صُورَةُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ظَاهِرَةٌ، وَوَجْهُ قَوْلِ زُفَرَ وَالشَّافِعِيِّ قِيَاسُ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ بِالْآخَرِ
قَالَا: (الْعُذْرُ مِنْ جَانِبِهَا) كَمَا فِي صُورَةِ الْإِجْمَاعِ (لَا يُوجِبُ سُقُوطَ الْحَدِّ مِنْ جَانِبِهِ فَكَذَا الْعُذْرُ مِنْ جَانِبِهِ) وَهُوَ فِي الصُّورَةِ الْمُخْتَلَفِ فِيهَا لَا يُوجِبُ سُقُوطَهُ مِنْ جَانِبِهَا، وَالْجَامِعُ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مُؤَاخَذٌ بِفِعْلِهِ، وَدَلِيلُنَا ظَاهِرٌ مِمَّا ذَكَرْنَا آنِفًا لِمُحَمَّدٍ فَلَا حَاجَةَ إلَى التَّكْرَارِ. وَاعْتُرِضَ عَلَيْهِ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدِهِمَا أَنَّ غَيْرَ الْمُحْصَنِ إذَا زَنَى بِالْمُحْصَنَةِ يَجِبُ الرَّجْمُ عَلَيْهَا، وَإِنْ لَمْ يَجِبْ عَلَى الرَّجُلِ فَعَدَمُ الرَّجْمِ عَلَى الْأَصْلِ لَا يُوجِبُ عَدَمَهُ عَلَى التَّبَعِ فَلْيَكُنْ نَفْسُ الْحَدِّ كَذَلِكَ. وَالثَّانِي أَنَّ الصَّبِيَّ أَوْ الْمَجْنُونَ إذَا زَنَى بِالْمُطَاوِعَةِ يَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ الْمَهْرُ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْوَطْءَ لَا يَخْلُو عَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute