للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ (وَمَنْ أَكْرَهَهُ السُّلْطَانُ حَتَّى زَنَى فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ) وَكَانَ أَبُو حَنِيفَةَ يَقُولُ أَوَّلًا يُحَدُّ، وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ لِأَنَّ الزِّنَا مِنْ الرَّجُلِ لَا يُتَصَوَّرُ إلَّا بَعْدَ انْتِشَارِ الْآلَةِ وَذَلِكَ دَلِيلُ الطَّوَاعِيَةِ. ثُمَّ رَجَعَ عَنْهُ فَقَالَ: لَا حَدَّ عَلَيْهِ لِأَنَّ سَبَبَهُ الْمُلْجِئَ قَائِمٌ ظَاهِرًا، وَالِانْتِشَارُ دَلِيلٌ مُتَرَدِّدٌ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ غَيْرَ قَصْدٍ لِأَنَّ الِانْتِشَارَ قَدْ يَكُونُ طَبْعًا لَا طَوْعًا كَمَا فِي النَّائِمِ فَأَوْرَثَ شُبْهَةً، وَإِنْ أَكْرَهَهُ غَيْرُ السُّلْطَانِ حُدَّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ، وَقَالَا: لَا يُحَدُّ لِأَنَّ الْإِكْرَاهَ عِنْدَهُمَا قَدْ يَتَحَقَّقُ مِنْ غَيْرِ السُّلْطَانِ؛ لِأَنَّ الْمُؤَثِّرَ خَوْفُ الْهَلَاكِ وَأَنَّهُ يَتَحَقَّقُ مِنْ غَيْرِهِ. وَلَهُ أَنَّ الْإِكْرَاهَ مِنْ غَيْرِهِ لَا يَدُومُ إلَّا نَادِرًا لِتَمَكُّنِهِ مِنْ الِاسْتِعَانَةِ بِالسُّلْطَانِ أَوْ بِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ، وَيُمْكِنُهُ دَفْعُهُ بِنَفْسِهِ بِالسِّلَاحِ، وَالنَّادِرُ لَا حُكْمَ لَهُ فَلَا يَسْقُطُ بِهِ الْحَدُّ، بِخِلَافِ السُّلْطَانِ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ الِاسْتِعَانَةُ بِغَيْرِهِ وَلَا الْخُرُوجُ بِالسِّلَاحِ عَلَيْهِ فَافْتَرَقَا

(وَمَنْ أَقَرَّ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ فِي مَجَالِسَ مُخْتَلِفَةٍ أَنَّهُ زَنَى بِفُلَانَةَ وَقَالَتْ هِيَ: تَزَوَّجَنِي أَوْ أَقَرَّتْ بِالزِّنَا وَقَالَ الرَّجُلُ تَزَوَّجْتهَا فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ الْمَهْرُ فِي ذَلِكَ) لِأَنَّ دَعْوَى النِّكَاحِ يَحْتَمِلُ الصِّدْقَ وَهُوَ يَقُومُ بِالطَّرَفَيْنِ فَأَوْرَثَ شُبْهَةً، وَإِذَا سَقَطَ الْحَدُّ وَجَبَ الْمَهْرُ تَعْظِيمًا

يَرْجِعَ عَلَيْهَا بِمِثْلِ ذَلِكَ.

وَقَوْلُهُ (وَمَنْ أَكْرَهَهُ السُّلْطَانُ إلَخْ) ظَاهِرٌ.

وَقَوْلُهُ (وَعَلَيْهِ الْمَهْرُ فِي ذَلِكَ) يَعْنِي فِي كِلْتَا

<<  <  ج: ص:  >  >>