للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِخَطَرِ الْبُضْعِ

(وَمَنْ زَنَى بِجَارِيَةٍ فَقَتَلَهَا فَإِنَّهُ يُحَدُّ وَعَلَيْهِ الْقِيمَةُ) مَعْنَاهُ: قَتَلَهَا بِفِعْلِ الزِّنَا لِأَنَّهُ جَنَى جِنَايَتَيْنِ فَيُوَفِّرُ عَلَى

الصُّورَتَيْنِ: دَعْوَى الرَّجُلِ النِّكَاحَ وَدَعْوَاهُ الْمَرْأَةَ. فَإِنْ قِيلَ: يَنْبَغِي أَنْ لَا يَجِبَ الْمَهْرُ فِيمَا إذَا أَقَرَّتْ الْمَرْأَةُ بِالزِّنَا لِأَنَّهَا تَنْفِي وُجُوبَ الْمَهْرِ فَكَيْفَ وَجَبَ لَهَا الْمَهْرُ وَهِيَ مُنْكِرَةٌ لِلنِّكَاحِ؟ أُجِيبَ بِأَنَّ النِّكَاحَ يَقُومُ بِالطَّرَفَيْنِ وَالزَّوْجُ يَدَّعِي النِّكَاحَ فَبِدَعْوَاهُ النِّكَاحَ انْتَفَى الْحَدُّ عَنْهُ فِي هَذَا الْوَطْءِ لِأَنَّهُ فِي دَعْوَاهُ إمَّا أَنْ يَكُونَ مُصَدَّقًا أَوْ مُكَذَّبًا، فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلَ أَثْبَتَ النِّكَاحَ حَقِيقَةً، وَإِنْ كَانَ الثَّانِيَ فَاحْتِمَالُ الصِّدْقِ قَائِمٌ لَا مَحَالَةَ، وَالِاحْتِمَالُ فِي بَابِ الْحُدُودِ مُلْحَقٌ بِالْيَقِينِ احْتِيَالًا لِلدَّرْءِ فَيَسْقُطُ الْحَدُّ، وَسُقُوطُهُ يَسْتَلْزِمُ وُجُوبَ الْمَهْرِ لِأَنَّ الْوَطْءَ لَا يَخْلُو عَنْ غَرَامَةٍ أَوْ عُقُوبَةٍ، فَإِذَا تَحَقَّقَ الْمَلْزُومُ بِدُونِ اخْتِيَارِهَا تَحَقَّقَ اللَّازِمُ كَذَلِكَ فَيَثْبُتُ لَهَا الْمَهْرُ وَإِنْ رَدَّتْهُ.

وَقَوْلُهُ (وَمَنْ زَنَى بِجَارِيَةٍ فَقَتَلَهَا فَإِنَّهُ يُحَدُّ وَعَلَيْهِ الْقِيمَةُ) إنَّمَا وَضَعَ الْمَسْأَلَةَ فِي الْجَارِيَةِ وَإِنْ كَانَ هَذَا الْحُكْمُ وَهُوَ وُجُوبُ الْحَدِّ مَعَ الضَّمَانِ لَا يَتَفَاوَتُ بَيْنَ الْحُرَّةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>